للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ بِجَوَازِ الْعَفْوِ إِلاَّ فِي قَتْل الْغِيلَةِ، وَهُوَ الْقَتْل لأَِخْذِ الْمَال؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْحِرَابَةِ، وَالْمُحَارِبُ إِذَا قَتَل وَجَبَ قَتْلُهُ، وَلاَ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لأَِنَّ الْقَتْل لِدَفْعِ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ، فَالْقَتْل هُنَا حَقٌّ لِلَّهِ لاَ لِلآْدَمِيِّ، وَعَلَى هَذَا يُقْتَل حَدًّا لاَ قَوَدًا (١) .

١٩ - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُوجِبِ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ الْقِصَاصُ عَيْنًا، حَتَّى لاَ يَمْلِكَ وَلِيُّ الدَّمِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ مِنَ الْقَاتِل مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَلَوْ مَاتَ الْقَاتِل أَوْ عَفَا الْوَلِيُّ سَقَطَ الْمُوجِبُ أَصْلاً.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إِمَّا الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ أَحَدُهُمَا لاَ بِعَيْنِهِ، فَلِلْوَلِيِّ خِيَارُ التَّعْيِينِ، إِنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْقِصَاصَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ (٢) .

وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مُوجِبَ


(١) بدائع الصنائع ٧ / ٢٤١، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ١٨٦، والفواكه الدواني ٢ / ٢٥٥، وروضة الطالبين ١ ٩ / ٢٣٩، وكشاف القناع ٥ / ٥٤٣.
(٢) بدائع الصنائع ١٠ / ٤٦٤٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٤٠، وبداية المجتهد ٢ / ٣٩٣، ٣٩٤، روضة الطالبين ٩ / ٢٣٩، وكشاف القناع ٥ / ٥٤٣، والمغني ٨ / ٣٣٦.