للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَابِلَةِ فِي دُخُول الْكِنَايَةِ فِي الْعُقُودِ، فَفِي الْقَوَاعِدِ لاِبْنِ رَجَبٍ: يَخْتَلِفُ الأَْصْحَابُ فِي انْعِقَادِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ، فَقَال الْقَاضِي فِي مَوَاضِعَ: لاَ كِنَايَةٌ إِلاَّ فِي الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ، وَسَائِرُ الْعُقُودِ لاَ كِنَايَاتٌ فِيهَا (١) .

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: أَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ بِالأَْلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ وَبِالْكِنَايَةِ، ثُمَّ قَال: وَلاَ أَذْكُرُ لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَوْلاً (٢) ، إِلاَّ أَنَّ الْقُرْطُبِيَّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ} (٣) قَال: الْبَيْعُ قَبُولٌ وَإِيجَابٌ يَقَعُ بِاللَّفْظِ الْمُسْتَقْبَل وَالْمَاضِي، فَالْمَاضِي فِيهِ حَقِيقَةٌ، وَالْمُسْتَقْبَل كِنَايَةٌ، ثُمَّ قَال: وَالْبَيْعُ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الْمَفْهُومِ مِنْهَا نَقْل الْمِلْكِ (٤) ، وَنَقَل الْحَطَّابُ عَنِ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الْبَيْعِ بِلَفْظِ الْمَاضِي فَتَلْزَمُ، أَوْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ فَيَحْلِفُ، ثُمَّ نَقَل قَوْل الْقُرْطُبِيِّ: الْبَيْعُ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الْمَفْهُومِ مِنْهَا نَقْل الْمِلْكِ، وَفِي الْحَطَّابِ أَيْضًا: إِنْ أَتَى بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِي


(١) القواعد لابن رجب ص٥٠ القاعدة ٣٩.
(٢) بداية المجتهد ٢ / ١٨٥ نشر مكتبة الكليات الأزهرية.
(٣) سورة البقرة / ٢٧٥.
(٤) القرطبي ٣ / ٣٥٧.