للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَيْعِ فَكَلاَمُهُ مُحْتَمَلٌ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا أَرَادَهُ (١) .

وَالَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْكِنَايَةَ تَدْخُل فِي الْعُقُودِ كَذَلِكَ، قَال الْكَاسَانِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ: لَوْ قَال: حَمَلْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِل الْهِبَةَ، وَيَحْتَمِل الْعَارِيَّةَ، فَإِنَّهُ وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيل اللَّهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: لاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ (٢) .

فَاحْتَمَل تَمْلِيكَ الْعَيْنِ وَاحْتَمَل تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ، فَلاَ بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ لِلتَّعْيِينِ (٣) ، وَقَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ قَال الْبَائِعُ: أَبِيعُهُ مِنْكَ بِكَذَا، وَقَال الْمُشْتَرِي: أَشْتَرِيهِ، وَنَوَيَا الإِْيجَابَ فَإِنَّ الرُّكْنَ يَتِمُّ وَيَنْعَقِدُ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا النِّيَّةَ هُنَا - وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ أَفْعَل لِلْحَال هُوَ الصَّحِيحَ -؛ لأَِنَّهُ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا لِلاِسْتِقْبَال إِمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، فَوَقَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ (٤) .


(١) الحطاب ٤ / ٢٣٢.
(٢) حديث: " أن عمر قال: " حملت على فرس في سبيل الله. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٣٥٢) ومسلم (٣ / ١٢٤٠) واللفظ للبخاري.
(٣) بدائع الصنائع ٦ / ١١٦.
(٤) بدائع الصنائع ٥ / ١٣٣.