للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَال أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ فَقَال: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيل اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيل، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُل مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ فِيهِ (١) .

وَوَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ (٢) .

وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، فَإِنَّ غَيْرَهُ مِنَ الصَّدَقَاتِ لَيْسَتْ جَارِيَةً (٣) .

وَالْوَقْفُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ هُوَ مَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ الْقُرْبَةُ، وَالْقُرْبَةُ تَتَحَقَّقُ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْوِيَ بِوَقْفِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ


(١) حديث ابن عمر: " أصاب عمر بخيبر أرضًا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٣٩٩) .
(٢) حديث: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله. . . " تقدم فقرة (٩) .
(٣) منح الجليل ٤ / ٣٤، والخرشي ٧ / ٨١، والاختيار ٣ / ٤٠ - ٤١، والمهذب ١ / ٤٤٧، ومغني المحتاج ٢ / ٣٧٦، والمغني ٥ / ٥٩٧ - ٥٩٨، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٤٨٩.