للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: الْوَقْفُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلتَّعَبُّدِ بِهِ كَالصَّلاَةِ وَالْحَجِّ، بِحَيْثُ لاَ يَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ أَصْلاً، بَل التَّقَرُّبُ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ، فَهُوَ بِدُونِهَا مُبَاحٌ (١) .

وَفِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: الْوَقْفُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ فِي وَقْفٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ قَدْ يَقِفُ عَلَى غَيْرِهِ تَوَدُّدًا، أَوْ عَلَى أَوْلاَدِهِ خَشْيَةَ بَيْعِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِتْلاَفِ ثَمَنِهِ، أَوْ خَشْيَةَ أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فَيُبَاعَ فِي دَيْنِهِ، أَوْ رِيَاءً وَنَحْوَهُ، فَهَذَا وَقْفٌ لاَزِمٌ لاَ ثَوَابَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَبْتَغِ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى (٢) .

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جِهَةَ بِرٍّ وَمَعْرُوفٍ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ صَحِيحٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلَكِنَّهُ لاَ قُرْبَةَ فِيهِ، جَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: إِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ لاَ تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالأَْغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الأَْصَحِّ، نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ. وَالثَّانِي: لاَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ وَأَهْل الذِّمَّةِ وَالْفُسَّاقِ (٣) .

وَيَقُول الْحَصْكَفِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ: يُشْتَرَطُ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٥٨.
(٢) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٤٩٠، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨١، والدسوقي ٤ / ٧٧.
(٣) مغني المحتاج ٢ / ٣٨١.