للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَدَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَال: " الْمُتَلاَعِنَانِ إِذَا تَلاَعَنَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " (١) وَلأَِنَّ اللِّعَانَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ فَلاَ يَحْتَاجُ لِلتَّفْرِيقِ بِهِ إِلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَالرَّضَاعِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفُرْقَةَ لَوْ لَمْ تَحْصُل إِلاَّ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ لَسَاغَ تَرْكُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَرِهَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَرْضَيَا بِهَا، كَالتَّفْرِيقِ لِلْعَيْبِ وَالإِْعْسَارِ، وَتَرْكُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لاَ يَجُوزُ رَضِيَا بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَيَا (٢) .

٢٤ - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَوْعِ الْفُرْقَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى اللِّعَانِ أَهِيَ طَلاَقٌ أَوْ فَسْخٌ؟ وَفِي الْحُرْمَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى اللِّعَانِ أَهِيَ حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ فَلاَ تَحِل الْمَرْأَةُ لِلرَّجُل وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ؟ أَوْ هِيَ حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ تَنْتَهِي إِذَا أَكْذَبَ الرَّجُل نَفْسَهُ؟ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ بِاللِّعَانِ فَسْخٌ (٣) ، وَهِيَ تُوجِبُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ، فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ الْمُتَلاَعِنَانِ إِلَى الزَّوَاجِ بَعْدَ اللِّعَانِ أَبَدًا وَلَوْ أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ


(١) سبق تخريج هذا الأثر ف٢٢.
(٢) مغني المحتاج ٣ / ٣٨٠.
(٣) فتح القدير ٣ / ٢٥٥، وبدائع الصنائع ٣ / ٢٤٥، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ٤٦٧، والبهجة شرح التحفة ١ / ٣٣٤، ومغني المحتاج ٣ / ٣٨٠، والمغني لابن قدامة ٧ / ٤١٢ - ٤١٤.