للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّهَادَةِ أَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي قَذْفِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا (١) ". وَلِمَا رَوَى سَهْل بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: " مَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " (٢) وَلأَِنَّ اللِّعَانَ قَدْ وُجِدَ، وَهُوَ سَبَبُ التَّفْرِيقِ، وَتَكْذِيبُ الزَّوْجِ نَفْسَهُ أَوْ خُرُوجُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ لاَ يَنْفِي وُجُودَ السَّبَبِ، بَل هُوَ بَاقٍ فَيَبْقَى حُكْمُهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الرَّجُل إِنْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِ امْرَأَتِهِ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا حَتَّى لاَ يَكُونَ زَوْجَ بَغِيٍّ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي قَذْفِهَا فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ مُعَاشَرَتِهَا لإِِسَاءَتِهِ إِلَيْهَا وَاتِّهَامِهَا بِهَذِهِ الْفِرْيَةِ الْعَظِيمَةِ وَإِحْرَاقِ قَلْبِهَا، وَلاَ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ طَلاَقًا لأَِنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلاَقِ وَلاَ نَوَى بِهِ الطَّلاَقَ، وَلأَِنَّهُ لَوْ كَانَ طَلاَقًا لَوَقَعَ بِلِعَانِ الزَّوْجِ دُونَ لِعَانِ الْمَرْأَةِ، وَالْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ - عِنْدَ غَيْرِ الشَّافِعِيَّةِ - لاَ تَقَعُ إِلاَّ بِلِعَانِهِمَا (٣) .

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ اللِّعَانِ تَكُونُ طَلاَقًا بَائِنًا لاَ فَسْخًا، لأَِنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ، وَالْقَاضِي قَامَ


(١) حديث: " المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدًا ". تقدم تخريجه ف٢٢.
(٢) قول سهل بن سعد: " مضت السنة. . . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٦٨٢) .
(٣) المغني لابن قدامة ٧ / ٤١٣ - ٤١٤، ومغني المحتاج ٣ / ٣٨٠.