للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْل وُجُوبِهِ، وَتَعَرَّضَ لِلْمَسَائِل الْمَشْهُورَةِ، وَكَرَّرَ الإِْشَارَةَ لِلْخِلاَفِ، وَاسْتَظْهَرَ الاِكْتِفَاءَ بِالسَّبَبِ. وَمِمَّا قَال: " إِذَا أَبْرَأَتِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا مِنْ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْل الْبِنَاءِ وَقَبْل أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَقَال ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ: يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الإِْبْرَاءِ مِمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ قَبْل حُصُول الْوُجُوبِ (وَذَكَرَ عِبَارَاتٍ شَتَّى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إِلَى تَقَدُّمِ سَبَبِ الْوُجُوبِ أَوْ حُصُول الْوُجُوبِ) ثُمَّ قَال: فَهُوَ إِسْقَاطٌ لِلْحَقِّ قَبْل وُجُوبِهِ بَعْدَ سَبَبِهِ ". (١)

ثُمَّ أَشَارَ الْحَطَّابُ إِلَى مَسْأَلَةِ إِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَل فَقَال: فِي لُزُومِ ذَلِكَ قَوْلاَنِ: هَل يَلْزَمُهَا؛ لأَِنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا قَدْ وُجِدَ، أَوْ لاَ يَلْزَمُهَا؛ لأَِنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ؟ قَوْلاَنِ حَكَاهُمَا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ " ثُمَّ قَال آخِرَ الْمَسْأَلَةِ: " وَالَّذِي تَحَصَّل مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْقَطَتْ عَنْ زَوْجِهَا نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَل لَزِمَهَا ذَلِكَ عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ ". (٢)

٣٨ - وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُجُوبِ الْحَقِّ الْمُبْرَأِ مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ لِلْوَاقِعِ لاَ لِلاِعْتِقَادِ، فَلَوْ أَبْرَأَهُ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنْ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ، صَحَّ الإِْبْرَاءُ لِمُصَادَفَتِهِ الْحَقَّ الْوَاجِبَ. وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَصْرِيحٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ سِوَى الاِسْتِئْنَاسِ بِمَا سَبَقَ


(١) تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب (ضمن فتاوى عليش فتح العلي المالك ١ / ٣٢٢ ط البابي الحلبي) والأمثلة لديه كثيرة في الصفحات ١ / ٣٠٦ - ٣٣٢ مع الإشارة لبعض المسائل لم يصح فيها الإسقاط لملاحظ خاصة لا لعدم وجوب الحق فيها.
(٢) الالتزامات للحطاب ١ / ٣٢٢