للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ اسْتِرْقَاقِ أَسْرَى الْبُغَاةِ، لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ يَمْنَعُ الاِسْتِرْقَاقَ ابْتِدَاءً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال يَوْمَ الْجَمَل: لاَ يُقْتَل أَسِيرُهُمْ، وَلاَ يُكْشَفُ سِتْرٌ، وَلاَ يُؤْخَذُ مَالٌ " أَيْ لاَ يُسْتَرَقُّونَ وَلِذَا فَإِنَّهُ لاَ تُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَلاَ ذَرَارِيُّهُمْ. (١) وَالأَْصْل أَنَّ أَسِيرَهُمْ لاَ يُقْتَل لأَِنَّهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ كُلٌّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، حَتَّى قَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِنْ قَتَل أَهْل الْبَغْيِ أُسَارَى أَهْل الْعَدْل لَمْ يَجُزْ لأَِهْل الْعَدْل قَتْل أُسَارَاهُمْ، لأَِنَّهُمْ لاَ يُقْتَلُونَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِمْ، وَيَتَّجِهُ الْمَالِكِيَّةُ وُجْهَةَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي عَدَمِ قَتْل الأَْسْرَى. (٢) غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا أُسِرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِل. وَقِيل: يُؤَدَّبُ وَلاَ يُقْتَل (٣) وَإِنْ كَانَتِ الْحَرْبُ قَائِمَةً فَلِلإِْمَامِ قَتْلُهُ. وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً، إِذَا خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ. (٤)

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ لأَِسْرَى الْبُغَاةِ فِئَةٌ، وَبَيْنَ مَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ، فَقَالُوا: لَوْ كَانَ لِلْبُغَاةِ فِئَةٌ أُجْهِزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَاتُّبِعَ هَارِبُهُمْ لِقَتْلِهِ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣١١، ٣١٢، والبحر الرائق ٥ / ١٥٢ - ١٥٣، وفتح القدير ٤ / ٤١١، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي ٣ / ٥٩٥، وغنية ذوي الأحكام بهامش درر الحكام ١ / ٣٠٥، والتاج والإكليل ٦ / ٢٧٨، والشرح الصغير ٢ / ٤١٥، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٩٩، وبداية المجتهد ٢ / ٤٩٨، والخرشي ٥ / ٣٠٢، وحاشية الجمل ٥ / ١١٧، ١١٨، وشرح روض الطالب ٤ / ١١٤ - ١١٥، وفتح الوهاب ٢ / ١٥٤، والمغني ١٠ / ٦٣ - ٦٥، والفروع ٣ / ٥٤، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٣٩.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) بداية المجتهد ٢ / ٤٩٨.
(٤) التاج والإكليل ٦ / ٢٧٨.