للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَرَقَّ رِجَالُهُمْ، وَلَكِنْ تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمُ الَّذِينَ حَدَثُوا بَعْدَ الرِّدَّةِ، لأَِنَّهَا دَارٌ تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ أَهْل الْحَرْبِ فَكَانَتْ دَارَ حَرْبٍ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُهَادَنُوا عَلَى الْمُوَادَعَةِ، وَلاَ يُصَالَحُوا عَلَى مَالٍ يَقَرُّونَ بِهِ عَلَى رِدَّتِهِمْ، بِخِلاَفِ أَهْل الْحَرْبِ. (١) وَقَدْ سَبَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَرَارِيَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَسَبَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَنِي نَاجِيَةَ.

وَإِنْ أَسْلَمُوا حُقِنَتْ دِمَاؤُهُمْ، وَمَضَى فِيهِمْ حُكْمُ السَّبَاءِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، فَأَمَّا الرِّجَال فَأَحْرَارٌ لاَ يُسْتَرَقُّونَ، وَلَيْسَ عَلَى الرِّجَال مِنْ أَهْل الرِّدَّةِ سَبْيٌ وَلاَ جِزْيَةٌ، إِنَّمَا هُوَ الْقَتْل أَوِ الإِْسْلاَمُ. وَإِنْ تَرَكَ الإِْمَامُ السَّبَاءَ وَأَطْلَقَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَتَرَكَ لَهُمْ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَهُوَ فِي سَعَةٍ.

٤٨ - وَيُصَرِّحُ الْمَالِكِيَّةُ بِعَدَمِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ إِنْ حَارَبُوا بِأَرْضِ الْكُفْرِ أَوْ بِأَرْضِ الإِْسْلاَمِ، يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: إِذَا حَارَبَ الْمُرْتَدُّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْتَل بِالْحِرَابَةِ، وَلاَ يُسْتَتَابُ، كَانَتْ حِرَابَتُهُ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ أَوْ بَعْدَ أَنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ إِلاَّ أَنْ يُسْلِمَ، فَإِنْ كَانَتْ حِرَابَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ كَالْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ، لاَ تِبَاعَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا فَعَل فِي حَال ارْتِدَادِهِ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ حِرَابَتُهُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ إِسْلاَمُهُ عَنْهُ حُكْمَ الْحِرَابَةِ خَاصَّةً. (٢) وَعَنِ ابْنِ


(١) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٣٦، ٣٧، والخراج ص ٦٧ ط ١١٨٢ هـ، وفتح القدير ٤ / ٢١١، والمبسوط ١٠ / ١١٣، ١١٤، والمهذب ٢ / ٢٢٤، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٤٩.
(٢) بداية المجتهد ٢ / ٤٩٨، والتاج والإكليل ٦ / ٢٨١.