للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَاسِمِ قَال: إِذَا ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ فِي حِصْنٍ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ، وَأَمْوَالُهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. وَقَال أَصْبَغُ: تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُمْ.

وَهَذَا الَّذِي خَالَفَتْ فِيهِ سِيرَةُ عُمَرَ سِيرَةَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الَّذِينَ ارْتَدُّوا مِنَ الْعَرَبِ، فَقَدْ سَبَى أَبُو بَكْرٍ النِّسَاءَ وَالصِّغَارَ، وَأَجْرَى الْمُقَاسَمَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ نَقَضَ ذَلِكَ. (١)

٤٩ - وَيَتَّفِقُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ الْمُرْتَدَّ يُقْتَل إِنْ لَمْ يَتُبْ وَيَعُدْ إِلَى الإِْسْلاَمِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلاَثَةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ، لِعُمُومِ حَدِيثِ: مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (٢) .

٥٠ - وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تُقْتَل، وَإِنَّمَا تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ.

أَمَّا لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تُقَاتِل، أَوْ كَانَتْ ذَاتَ رَأْيٍ فَإِنَّهَا تُقْتَل اتِّفَاقًا. لَكِنَّهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تُقْتَل لاَ لِرِدَّتِهَا، بَل لأَِنَّهَا تَسْعَى بِالْفَسَادِ.

وَيَسْتَدِل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عَدَمِ قَتْل الْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّةِ إِذَا أُخِذَتْ سَبْيًا بِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَقْ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلاَ يَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلاَ عَسِيفًا (٣) ،


(١) التاج والإكليل ٣ / ٣٨٦.
(٢) حديث " من بدل دينه فاقتلوه ". أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا (فتح الباري ١٢ / ٢٦٧ ط السلفية) .
(٣) المبسوط ١٠ / ٩٨، والمهذب ٢ / ٢٢٣، وأسنى المطالب ٤ / ١٢١، وبداية المجتهد ٢ / ٤٩٨، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٠٤، والمغني ١٠ / ٧٤، والفروع ٣ / ٥٥٧، والفتح ٤ / ٣٨٩. وحديث " الحقْ بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا " أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم واللفظ له، من حديث رباح بن الربيع، وقال الحاكم: وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرحمن وابن جريح عن أبي الزناد، فصار الحديث صحيحا على شرط الشيخين ولم (مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٤٨٨ ط الميمنية، والفتح الرباني ١٤ / ٦٤ الطبعة الأولى ١٣٧٠ هـ، وعون المعبود ٣ / ٦ - ٧ الهند، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٩٤٨ ط عيسى الحلبي، وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ص ٣٩٨ ط دار الكتب العلمية، والمستدرك ٢ / ١٢٢ نشر دار الكتاب العربي) .