للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالتَّقْرِيبِ، فَإِنَّ مَا لاَ يُحَدُّ ضَابِطُهُ لاَ يَجُوزُ تَعْطِيلُهُ وَيَجِبُ تَقْرِيبُهُ، فَالأَْوْلَى فِي ضَابِطِ مَشَاقِّ الْعِبَادَاتِ أَنْ تُضْبَطَ مَشَقَّةُ كُل عِبَادَةٍ بِأَدْنَى الْمَشَاقِّ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَزْيَدَ ثَبَتَتِ الرُّخْصَةُ بِهَا، وَلَنْ يُعْلَمَ التَّمَاثُل إِلاَّ بِالزِّيَادَةِ، إِذْ لَيْسَ فِي قُدْرَةِ الْبَشَرِ الْوُقُوفُ عَلَى تَسَاوِي الْمَشَاقِّ، فَإِذَا زَادَتْ إِحْدَى الْمَشَقَّتَيْنِ عَلَى الأُْخْرَى عُلِمَا أَنَّهُمَا قَدِ اسْتَوَتَا، فَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْمَشَقَّةُ الدُّنْيَا مِنْهُمَا كَانَ ثُبُوتُ التَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ، وَأَمْثَال ذَلِكَ أَنَّ التَّأَذِّي بِالْقَمْل مُبِيحٌ لِلْحَلْقِ فِي حَقِّ النَّاسِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ تَأَذِّيهِ بِالأَْمْرَاضِ بِمِثْل مَشَقَّةِ الْقَمْل (١) .

كَذَلِكَ سَائِرُ الْمَشَاقِّ الْمُبِيحَةِ لِلُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُقَرَّبَ الْمَشَاقُّ الْمُبِيحَةُ لِلتَّيَمُّمِ بِأَدْنَى مَشَقَّةٍ أُبِيحَ بِمِثْلِهَا التَّيَمُّمُ، وَفِي هَذَا إِشْكَالٌ، فَإِنَّ مَشَقَّةَ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل وَمَشَقَّةَ الاِنْقِطَاعِ مِنْ سَفَرِ النُّزْهَةِ خَفِيفَةٌ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بِهَا الأَْمْرَاضُ، وَأَمَّا الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَرَّبَ مَشَقَّتُهُ بِمَشَقَّةِ الصِّيَامِ فِي الْحَضَرِ، فَإِذَا شَقَّ الصَّوْمُ مَشَقَّةً تُرْبِي عَلَى مَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ فَلْيَجُزِ الإِْفْطَارُ بِذَلِكَ.

وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا مَقَادِيرُ الإِْغْرَارِ فِي


(١) قواعد الأحكام ٢ / ١٢ - ١٣.