للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْخُرُوجُ إِلَى مَحْفَل الرِّجَال مِنَ النِّسَاءِ عَيْبٌ فِي الْعَادَةِ، فَكَانَ عَجْزُهَا عَجْزَ نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ لاَ حَقِيقَةٍ، فَثَبَتَتِ الْوِلاَيَةُ عَلَيْهَا عَلَى حَسَبِ الْعَجْزِ، وَهِيَ وِلاَيَةُ نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ لاَ وِلاَيَةَ حَتْمٍ وَإِيجَابٍ إِثْبَاتًا لِلْحُكْمِ عَلَى قَدْرِ الْعِلَّةِ.

وَأَمَّا طَرِيقُ مُحَمَّدٍ فَهُوَ أَنَّ الثَّابِتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وِلاَيَةُ الشَّرِكَةِ لاَ وِلاَيَةُ الاِسْتِبْدَادِ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الرِّضَا كَمَا فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ (١) .

وَإِذَا كَانَ الرِّضَا فِي نِكَاحِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ شَرْطَ الْجَوَازِ فَإِنَّهَا إِذَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهَا تَوَقَّفَ التَّزْوِيجُ عَلَى رِضَاهَا، فَإِنْ رَضِيَتْ جَازَ، وَإِنْ رَدَّتْ بَطَل.

وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ - كَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ - بَيْنَ مَا يُعْرَفُ بِهِ الرِّضَا بِالنِّكَاحِ مِنَ الثَّيِّبِ، وَمَا يُعْرَفُ بِهِ مِنَ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي يُرَادُ تَزْوِيجُهَا ثَيِّبًا فَرِضَاهَا يُعْرَفُ بِالْقَوْل تَارَةً وَبِالْفِعْل أُخْرَى، أَمَّا الْقَوْل فَهُوَ التَّنْصِيصُ عَلَى الرِّضَا وَمَا يَجْرِى مَجْرَاهُ، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الثَّيِّبُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا " (٢) ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ


(١) بدائع الصنائع ٢ / ٢٤٢.
(٢) حديث: " الثيب تستأمر في نفسها ". أخرجه أحمد (٢ / ٤٢٥ ط الميمنية) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأصله في الصحيحين