للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوُضُوءِ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِل الْيَدَيْنِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِنِيَّةٍ، وَهَكَذَا لِتَمَامِ الْوُضُوءِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِتْمَامِ الْوُضُوءِ، بِأَنْ نَوَى عَدَمَ إِتْمَامِهِ أَوْ لاَ نِيَّةَ لَهُ أَصْلاً، أَمَّا لَوْ خَصَّ كُل عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مَعَ قَصْدِهِ إِتْمَامَ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ حَدَثُهُ وَلاَ يَكْمُل وُضُوؤُهُ إِلاَّ بِجَمْعِ النِّيَّاتِ، فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ فَلاَ يَضُرُّ، لاَ مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ.

أَمَّا لَوْ جَزَّأَ النِّيَّةَ عَلَى الأَْعْضَاءِ، بِأَنْ جَعَل لِكُل عُضْوٍ رُبْعَهَا مَثَلاً فَإِنَّهُ يُجْزِئُ؛ لأَِنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى لاَ تَقْبَل التَّجْزِيءَ وَحِينَئِذٍ فَجَعْلُهُ لَغْوٌ، قَال الدُّسُوقِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ مُتَلاَعِبٌ؛ لأَِنَّ رُبْعَ النِّيَّةِ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي اعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ (١) .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّاعَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الطَّاعَاتِ، وَهِيَ أَقْسَامٌ:

أَحَدُهَا: طَاعَةٌ مُتَّحِدَةٌ: وَهِيَ الَّتِي يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ، فَلاَ يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَبْعَاضِهَا، مِثَالُهُ فِي الصِّيَامِ أَنْ يَنْوِيَ إِمْسَاكَ السَّاعَةِ الأُْولَى وَحْدَهَا،


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ١ / ٩٥.