للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ يَنْوِيَ إِمْسَاكَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ يُفْرِدُ كُل إِمْسَاكٍ بِنِيَّةٍ تَخْتَصُّ بِهِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، فَإِنَّ صَوْمَهُ لاَ يَصِحُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَّقَ نِيَّةَ الصَّلاَةِ عَلَى أَرْكَانِهَا وَأَبْعَاضِهَا: كَأَنْ يُفْرِدَ التَّكْبِيرَ بِنِيَّةٍ، وَالْقِيَامَ بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ، وَالرُّكُوعَ بِثَالِثَةٍ، وَكَذَلِكَ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلاَةِ، فَإِنَّ صَلاَتَهُ لاَ تَصِحُّ؛ لأَِنَّ مَا نَوَاهُ مِنْ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتِ لَيْسَ بِجُزْءٍ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى حِيَالِهِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: طَاعَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرِدَ أَبْعَاضَهُ بِالنِّيَّةِ وَأَنْ يَجْمَعَهُ فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَحَدِ جُزْئَيِ الْجُمْلَةِ فِي الْقِرَاءَةِ مِثْل أَنَّهُ قَال: بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ قَال: فَالَّذِينَ آمَنُوا. . فَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لاَ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ يُثَابُ إِلاَّ إِذَا فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْجُمَل الْمُفِيدَةِ، إِذْ لاَ قُرْبَةَ فِي الإِْتْيَانِ بِأَحَدِ جُزْئَيِ الْجُمْلَةِ، وَجُمَل الْقُرْآنِ أَحَدُهَا: مَا لاَ يُذْكَرُ إِلاَّ قُرْآنًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١) } . فَهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ ذِكْرًا لَيْسَ بِقُرْآنٍ كَقَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَهَذَا لاَ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْقِرَاءَةَ لِغَلَبَةِ الذِّكْرِ عَلَيْهِ.


(١) سورة الشعراء / ١٠٥.