للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُونَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ، فَإِنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ لاَ يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي فِيهَا مِنْ إِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ، قَال فِي الْفَتْحِ: مَحَل ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا قُلْتُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ مُنَاقَضَةَ؛ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ فَقَدْ حَصَل تَعْزِيرُهُ بِالْجَرِّ إِلَى بَابِ الْقَاضِي وَالدَّعْوَى، فَلاَ يَكُونُ مُسْقِطًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّعْزِيرِ، وَقَوْلُهُ: وَلاَ يُعَزَّرُ، يَعْنِي بِالضَّرْبِ فِي أَوَّل مَرَّةٍ، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ حِينَئِذٍ بِالضَّرْبِ، وَيُمْكِنُ كَوْنُ مَحْمَلِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ مِنَ الشَّتْمِ وَهُوَ مِمَّنْ يَكُونُ تَعْزِيرُهُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الرَّجُل يَشْتُمُ النَّاسَ إِذَا كَانَ لَهُ مُرُوءَةٌ وُعِظَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ حُبِسَ، وَإِنْ كَانَ سَبَّابًا ضُرِبَ وَحُبِسَ يَعْنِي الَّذِي دُونَ ذَلِكَ (١) .

وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي جَمْعِ مَا يَظْهَرُ مِنْ أَقْوَال الْحَنَفِيَّةِ مِنَ التَّنَاقُضِ: وَيَظْهَرُ لِي دَفْعُ الْمُنَاقَضَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَا وَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لاَ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ تَرْكُهُ إِلاَّ إِذَا عَلِمَ انْزِجَارَ الْفَاعِل كَمَا مَرَّ (٢) ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّ


(١) فَتْح الْقَدِير ٥ / ١١٣ - ١١٤، ورد الْمُحْتَار عَلَى الدَّرِّ الْمُخْتَارِ ٣ / ١٨٧، ١٩١.
(٢) أَشَارَ إِلَى قَوْله فِي الْمَسْأَلَةِ نَفْسهَا: إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا مُرُوءَةٍ فَقَدْ حَصَل تَعْزِيره بِالْجَرِّ إِلَى بَابِ الْقَاضِي وَالدَّعْوَى (حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٣ / ١٨٧، وَفَتْح الْقَدِير ٥ / ١١٤) .