للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَاعِل إِذَا كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ فِي الدِّينِ وَالصَّلاَحِ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ الاِنْزِجَارُ مِنْ أَوَّل الأَْمْرِ، لأَِنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ لاَ يَكُونُ عَادَةً إِلاَّ عَنْ سَهْوٍ وَغَفْلَةٍ، وَلِذَا لَمْ يُعَزَّرْ فِي أَوَّل مَرَّةٍ مَا لَمْ يَعُدْ، بَل يُوعَظُ لِيَتَذَكَّرَ إِنْ كَانَ سَاهِيًا، وَلِيَتَعَلَّمَ إِنْ كَانَ جَاهِلاً بِدُونِ جَرٍّ إِلَى بَابِ الْقَاضِي (١) .

وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: رَجُلٌ يُصَلِّي وَيَضْرِبُ النَّاسَ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ، فَلاَ بَأْسَ بِإِعْلاَمِ السُّلْطَانِ بِهِ لِيَنْزَجِرَ، وَلاَ إِثْمَ عَلَى الْمُخْبِرِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الإِْخْبَارِ، وَإِعْلاَمُ الْقَاضِي بِذَلِكَ يَكْفِي لِتَعْزِيرِهِ. وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلاَمِ كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ هَذَا السُّلْطَانِ عَادِلاً، أَوْ جَائِرًا يُخْشَى مِنْهُ قَتْلُهُ، لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ يُبَاحُ قَتْل كُل مُؤْذٍ إِذَا لَمْ يَنْزَجِرْ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا تَعَرُّضٌ لِثُبُوتِ تَعْزِيرِهِ بِمُجَرَّدِ الإِْخْبَارِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَضْلاً عَنْ ثُبُوتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (٢) .

وَجَاءَ فِي الْكِفَايَةِ: تَعْزِيرُ الأَْشْرَافِ كَالدَّهَاقِنَةِ وَالْقُوَّادِ وَغَيْرِهِمُ الإِْعْلاَمُ وَالْجَرُّ إِلَى بَابِ الْقَاضِي، وَتَعْزِيرُ أَشْرَفِ الأَْشْرَافِ كَالْفُقَهَاءِ وَالْعَلَوِيَّةِ الإِْعْلاَمُ فَقَطْ، بِأَنْ يَقُول: بَلَغَنِي أَنَّكَ


(١) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٣ / ١٨١، ١٩١.
(٢) رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ٣ / ١٨٧، ١٩١، وانظر فَتْح الْقَدِير ٥ / ١١٣، وَمَا بَعْدَهَا.