للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا.

وَلاَ يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ قَبْل الْجُرْحِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْقَاتِل لاَ يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ الْمُوصِي بَعْدَ الْجُرْحِ.

قَال الْكَاسَانِيُّ: لَوِ اشْتَرَكَ عَشَرَةٌ فِي قَتْل رَجُلٍ فَأَوْصَى لِبَعْضِهِمْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ تَصِحَّ؛ لأََنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَاتِلٌ عَلَى الْكَمَال حِينَ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَكَانَتْ وَصِيَّةً لِقَاتِلِهِ فَلَمْ تَصِحَّ (١) .

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ لَمْ تَبْطُل وَصِيَّتُهُ، لأَِنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا، بِخِلاَفِ مَا إِذَا تَقَدَّمَتْ فَإِنَّ الْقَتْل طَرَأَ عَلَيْهَا فَأَبْطَلَهَا (٢) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ - اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ قَاتِلٍ لِلْمُوصِي سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْل عَمْدًا أَوْ خَطَأً لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ


(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٧ / ٣٣٩، وروضة الْقُضَاة ٢ / ٦٨٥، حاشية ابْن عَابِدِينَ ٥ / ٤١٦، والإنصاف ٧ / ٢٣٢ - ٢٣٣، وكشاف الْقِنَاع ٤ / ٣٥٨، ومغني الْمُحْتَاج ٣ / ٤٣
(٢) كَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ٣٥٨