للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَشْبَهَتِ الْهِبَةَ وَخَالَفَتِ الإِْرْثَ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: صَحَّ الإِْيصَاءُ مِنْ مَقْتُولٍ إِلَى قَاتِلِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إِذَا عَلِمَ الْمُوصِي بِسَبَبِ الْقَتْل، بِأَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ بِحَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ ضَارِبَهُ فَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَتَأْوِيلاَنِ: أَحَدُهُمَا: صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الضَّرْبِ فَلاَ يُتَّهَمُ الْمُوصَى لَهُ بِالاِسْتِعْجَال.

وَالآْخَرُ: عَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لأَِنَّ الْمُوصِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَاتِل لَهُ لَمْ يُوصِ لَهُ؛ لأََنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الإِْنْسَانَ لاَ يُحْسِنُ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ.

قَال الدُّسُوقِيُّ: الظَّاهِرُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ.

وَلاَ يَدْخُل فِي التَّأْوِيلَيْنِ: أَعْطُوا مَنْ قَتَلَنِي لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ اتِّفَاقًا.

وَقَالُوا: تَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الْخَطَأِ فِي الْمَال وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ تَكُونُ فِي الْمَال فَقَطْ إِلاَّ أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ وَيَقْبَل وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَيَعْلَمَ الْمَقْتُول فِيهَا فَتَكُونُ فِي الدِّيَةِ أَيْضًا (١) .


(١) الشَّرْح الْكَبِير مَعَ حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيّ ٤ / ٤٢٦، ومغني الْمُحْتَاج ٣ / ٤٣، وأسنى الْمَطَالِب ٣ / ٣٢، والإنصاف ٧ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣