للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا إِذَا كَانَ الْوَكِيل عَدُوًّا لِلْخَصْمِ فَلاَ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ عَلَيْهِ. (١)

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَكَّل عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَقِيلاً عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَقَال: مَا قَضَى لَهُ فَلِي وَمَا قَضَى عَلَيْهِ فَعَلَيَّ، وَبِأَنَّهُ حَقٌّ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ فَكَانَ لِصَاحِبِهِ الاِسْتِنَابَةُ فِيهِ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاءِ خَصْمِهِ، كَحَال غَيْبَتِهِ وَمَرَضِهِ وَكَدَفْعِ الْمَال الَّذِي عَلَيْهِ.

وَبِأَنَّ التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ صَادَفَ حَقَّ الْمُوَكِّل فَلاَ يَقِفُ عَلَى رِضَا الْخَصْمِ، كَالتَّوْكِيل بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَدَلاَلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّعْوَى حَقُّ الْمُدَّعِي، وَالإِْنْكَارَ حَقُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَدْ صَادَفَ التَّوْكِيل مِنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقَّ نَفْسِهِ فَلاَ يَقِفُ عَلَى رِضَا خَصْمِهِ كَمَا لَوْ كَانَ خَاصَمَهُ بِنَفْسِهِ.

وَأَضَافُوا بِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُوَكِّل قَدْ يَكُونُ لَهُ حَقٌّ، أَوْ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَلاَ يُحْسِنُ الْخُصُومَةَ أَوْ لاَ يُحِبُّ أَنْ يَتَوَلاَّهَا بِنَفْسِهِ. (٢)


(١) حاشية الدسوقي٣ / ٣٧٨، والخرشي٦ / ٦٩،٧٧، ونهاية المحتاج ٥ / ٢٤، ومغني المحتاج٢ / ٢٢٢، والمغني مع الشرح الكبير ٥ / ٢٠٥، ومطالب أولي النهى٣ / ٤٤٢، وحاشية ابن عابدين٥ / ٥١٢، والبدائع٦ / ٢٢.
(٢) المراجع السابقة، والهداية ٧ / ٥٠٧، والبحر الرائق٧ / ١٤٣ - ١٤٤، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٦٤.