للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُرَادُ بِالسُّكُوتِ الْكَثِيرِ مَا كَانَ بِقَدْرِ التَّنَفُّسِ بِغَيْرِ تَنَفُّسٍ، عَلَى مَا أَفَادَهُ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ.

وَالْمُرَادُ بِالْكَلاَمِ الأَْجْنَبِيِّ مَا لَمْ يُفِدْ مَعْنًى جَدِيدًا، كَمَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَثَلاَثًا إِلاَّ وَاحِدَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهَذَا الْعَطْفُ لَغْوٌ؛ لأَِنَّ الثَّلاَثَ هِيَ أَكْثَرُ الطَّلاَقِ فَلاَ يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ. (١)

٩٨ - وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ إِجْمَالاً (وَهِيَ عَدَمُ الْفَصْل بِلاَ عُذْرٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ فِي الْفَاصِل مِنْ سُكُوتٍ أَوْ كَلاَمٍ، مَتَى يُعَدُّ مَانِعًا مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ وَمَتَى لاَ يُعَدُّ؟ وَالتَّفَاصِيل الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا هِيَ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْحَنَفِيَّةُ، وَفِي كُتُبِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى تَفَاصِيل يَطُول الْكَلاَمُ عَلَيْهَا، فَلْتُرَاجَعْ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. (٢)

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَرَى الاِسْتِثْنَاءَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ وَيَقْرَأُ قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (٣) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ وَنَسِيَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ، قَال: لَهُ ثَنِيَّاهُ إِلَى شَهْرٍ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ


(١) البدائع ٣ / ١٥، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٢ / ٥٠٩ - ٥١٠، ٣ / ١٠٠.
(٢) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ٣ / ١٠٠، والشرح الكبير للدردير ٢ / ١٢٩ - ١٣٠، والشرح الصغير للدردير ١ / ٣٣١، وأسنى المطالب ٣ / ٢٩٢، ٤ / ٢٤١، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣٦٩.
(٣) سورة الكهف / ٢٣ - ٢٤.