للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢ - هَذَا وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ أَيْضًا أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا اتَّفَقَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يَتَعَاقَدَا فِي السِّرِّ، أَمَّا إِذَا اتَّفَقَا فِي السِّرِّ وَتَعَاقَدَا أَيْضًا فِي السِّرِّ بِثَمَنٍ، ثُمَّ تَوَاضَعَا عَلَى أَنْ يُظْهِرَا الْعَقْدَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَقُولاَ: إِنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ الثَّانِي يَرْفَعُ الْعَقْدَ الأَْوَّل، وَالثَّمَنُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ يَحْتَمِل الْفَسْخَ وَالإِْقَالَةَ، فَشُرُوعُهُمَا فِي الْعَقْدِ الثَّانِي إِبْطَالٌ لِلأَْوَّل، فَبَطَل الأَْوَّل وَانْعَقَدَ الثَّانِي بِمَا سُمِّيَ عِنْدَهُ. وَإِنْ قَالاَ: رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ فَالْعَقْدُ هُوَ الْعَقْدُ الأَْوَّل، لأَِنَّهُمَا لَمَّا ذَكَرَا (١) الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ فَقَدْ أَبْطَلاَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الثَّانِي، فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ الثَّانِي، فَبَقِيَ الْعَقْدُ الأَْوَّل. وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الأَْوَّل فَالْعَقْدُ هُوَ الْعَقْدُ الثَّانِي؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ يَحْتَمِل الْفَسْخَ، فَكَانَ الْعَقْدُ هُوَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَكِنْ بِالثَّمَنِ الأَْوَّل، وَالزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ لأَِنَّهُمَا أَبْطَلاَهَا حَيْثُ هَزَلاَ بِهَا (٢) .

١٣ - وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ بِالثَّمَنِ الْمُعْلَنِ، وَلاَ أَثَرَ لِلاِتِّفَاقِ السَّابِقِ لأَِنَّهُ مُلْغًى، فَصَارَ كَمَا لَوِ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ، ثُمَّ تَبَايَعَا بِلاَ شَرْطٍ (٣) .

١٤ - وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْفُرُوعِ فِي كِتَابِ


(١) وفيه تحريف (لما ذكرا) إلى (لم يذكرا) .
(٢) بدائع الصنائع ٥ / ١٧٧.
(٣) المجموع ٩ / ٣٣٤.