للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّدَاقِ: أَنَّهُمَا لَوِ اتَّفَقَا قَبْل الْبَيْعِ عَلَى ثَمَنٍ، ثُمَّ عَقَدَا الْبَيْعَ بِثَمَنٍ آخَرَ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الثَّمَنَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَالنِّكَاحِ (١) .

١٥ - وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا فِي كُتُبِهِمْ بِبَيْعِ التَّلْجِئَةِ كَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا بَيْعَ الْمُكْرَهِ وَالْمَضْغُوطِ وَبَيْعَ الْهَازِل، وَقَدْ سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ، لَكِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَنْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَتَسْمِيَةِ مَهْرٍ لِلسِّرِّ وَمَهْرٍ لِلْعَلاَنِيَةِ، وَبَيَّنُوا أَنَّ الْعَمَل بِمَهْرِ السِّرِّ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْعَلَنِ لاَ عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِلأُْبَّهَةِ وَالْفَخْرِ. فَإِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ وَاتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى مَهْرِ السِّرِّ عُمِل بِهِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا حَلَّفَتِ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ إِنِ ادَّعَتِ الرُّجُوعَ عَنْ صَدَاقِ السِّرِّ الْقَلِيل إِلَى صَدَاقِ الْعَلاَنِيَةِ الْكَثِيرِ، فَإِنْ حَلَفَ عُمِل بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَل حَلَفَتِ الزَّوْجَةُ عَلَى الرُّجُوعِ وَعُمِل بِصَدَاقِ الْعَلاَنِيَةِ، فَإِنْ نَكَلَتْ عُمِل بِصَدَاقِ السِّرِّ (٢) .

١٦ - هَذَا، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الاِسْتِرْعَاءِ: أَنَّ الاِسْتِرْعَاءَ فِي الْبُيُوعِ لاَ يَجُوزُ، مِثْل أَنْ يُشْهِدَ قَبْل الْبَيْعِ أَنَّهُ رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ، وَأَنَّ بَيْعَهُ لأَِمْرٍ يَتَوَقَّعُهُ؛ لأَِنَّ الْمُبَايَعَةَ خِلاَفُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ فِيهِ ثَمَنًا وَفِي ذَلِكَ


(١) الفروع ٥ / ٢٦٧.
(٢) الدسوقي ٢ / ٣١٣، وجواهر الإكليل ٢ / ٣١٤، والخرشي ٣ / ٢٧٢.