للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - وَالْقَوْل الأَْصَحُّ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الأَْئِمَّةِ، أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الْبَيْعُ عِنْدَ الأَْذَانِ الأَْوَّل الَّذِي عَلَى الْمَنَارَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ السَّعْيُ عِنْدَهُ، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الزَّوَال.

وَعَلَّلُوهُ بِحُصُول الإِْعْلاَمِ بِهِ. وَلأَِنَّهُ لَوِ انْتَظَرَ الأَْذَانَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، يَفُوتُهُ أَدَاءُ السُّنَّةِ وَسَمَاعُ الْخُطْبَةِ، وَرُبَّمَا تَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ إِذَا كَانَ بَيْتُهُ بَعِيدًا مِنَ الْجَامِعِ.

بَل نَقَل الطَّحَاوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ قَوْلَهُ، فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ: وَهُوَ ضَعِيفٌ (١) .

ج - وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، حَكَاهَا الْقَاضِي عَنْهُ، وَهِيَ: أَنَّ الْبَيْعَ يَحْرُمُ بِزَوَال الشَّمْسِ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسِ الإِْمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ.

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، لَكِنَّ ابْنَ قُدَامَةَ قَرَّرَ أَنَّهَا لاَ تَصِحُّ مِنْ وُجُوهٍ، وَهِيَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ النَّهْيَ عَنِ الْبَيْعِ عَلَى النِّدَاءِ، لاَ عَلَى الْوَقْتِ. وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا إِدْرَاكُ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَحْصُل بِالنِّدَاءِ عَقِيبَ جُلُوسِ الإِْمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ، لاَ بِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ


(١) الهداية والعناية ٢ / ٣٨، ٣٩، وتبيين الحقائق ٤ / ٦٨ ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي (٢٨٢) والدر المختار ٤ / ١٣٢.