للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمِمَّا يُسْتَدَل بِهِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ تُشْرِكْ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِّلْتَ وَحُرِّقْتَ (١) وَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ مُسَيْلِمَةَ، فَقَدْ عَذَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحَابِيَّ الَّذِي وَافَقَ مُسَيْلِمَةَ (٢) وَقَال فِيهِ: لاَ تَبِعَةَ عَلَيْهِ وَقَال فِي حَقِّ الَّذِي ثَبَتَ فَقُتِل: مَضَى عَلَى صِدْقِهِ وَيَقِينِهِ، وَأَخَذَ بِفَضْلِهِ، فَهَنِيئًا لَهُ وَهَذَا يَدُل عَلَى التَّفْضِيل.

وَاحْتَجَّ السَّرَخْسِيُّ أَيْضًا بِقِصَّةِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ مُوَافَقَةِ قُرَيْشٍ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَفْضَل الشُّهَدَاءِ وَقَال: هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ (٣) .

١٠ - وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَابًا بِعِنْوَانِ (بَابُ مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْل وَالْهَوَانَ عَلَى الْكُفْرِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ خَبَّابِ بْنِ الأَْرَتِّ أَنَّهُ قَال شَكَوْنَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً فِي ظِل الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَال: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ


(١) حديث: " لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت ". أخرجه أحمد (٥ / ٢٣٨ط المكتب الإسلامي) وابن ماجه (٢ / ١٣٣٩ ط عيسى الحلبي) واللفظ له. قال البوصيري إسناده حسن. مختلف فيه (مصباح الزجاجة ٤ / ١٩٠ ط دار العربية) .
(٢) حديث: " لا تبعة عليه " سبق تخريجه ف / ٧.
(٣) المبسوط للسرخسي ٢٤ / ٤٤ (كتاب الإكراه) وحديث خبيب: " هو أفضل الشهداء ". قال الزيلعي: (غريب) (نصب الراية ٤ / ١٥٩ ط المجلس العلمي) وأصل حديث خبيب في البخاري (٧ / ١٦٥ ط السلفية)