للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، أَبُو بَكْرَةَ، وَنَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ، وَشِبْل بْنُ مَعْبَدٍ، وَنَكَل زِيَادٌ، فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلاَثَةَ وَقَال لَهُمْ: تُوبُوا تُقْبَل شَهَادَتُكُمْ، فَتَابَ رَجُلاَنِ وَقَبِل عُمَرُ شَهَادَتَهُمَا وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ فَلَمْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ وَإِنْ تَابَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١) ، وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَدَّ شَهَادَتَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ نَصًّا، فَمَنْ قَال هُوَ مُؤَقَّتٌ إِلَى وُجُودِ التَّوْبَةِ يَكُونُ رَدًّا لِمَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ فَيَكُونُ مَرْدُودًا. وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْجَرَائِمِ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْقِيَاسَ الْمُخَالِفَ لِلنَّصِّ لاَ يَصِحُّ. وَلأَِنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِلَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٢) وَهِيَ حَدٌّ فَكَذَا هَذَا، فَصَارَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ الأَْئِمَّةُ بِهِ، وَالْحَدُّ لاَ يَرْتَفِعُ بِالتَّوْبَةِ.

وقَوْله تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٣) لَيْسَ بِحَدٍّ؛ لأَِنَّ الْحَدَّ يَقَعُ بِفِعْل الأَْئِمَّةِ، (أَيِ الْحُكَّامِ) ، وَالْفِسْقُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالذَّاتِ، فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا عَنِ الأَْوَّل، فَيَنْصَرِفُ الاِسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا} (٤) إِلَى مَا يَلِيهِ


(١) سورة النور / ٤.
(٢) سورة النور / ٤.
(٣) سورة النور / ٤.
(٤) سورة النور / ٤.