للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصَرَّ عَلَى إِنْكَارِهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ.

أَمَّا دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ فِي الدُّنْيَا فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْقِبْلَةِ، وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَذْهَبُ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهُمُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَائِرُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الأَْرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ لَهُ شَفَاعَاتٍ خَاصَّةً وَعَامَّةً.

وَأَمَّا التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّوَجُّهُ بِهِ فِي كَلاَمِ الصَّحَابَةِ فَيُرِيدُونَ بِهِ التَّوَسُّل بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ.

وَالتَّوَسُّل بِهِ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ يُرَادُ بِهِ الإِْقْسَامُ بِهِ وَالسُّؤَال بِهِ، كَمَا يُقْسِمُونَ بِغَيْرِهِ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ يُعْتَقِدُ فِيهِ الصَّلاَحَ.

وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُ التَّوَسُّل بِهِ يُرَادُ بِهِ مَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُرَادُ بِهِ مَعْنًى ثَالِثٌ لَمْ تَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ.

وَمِنَ الْمَعْنَى الْجَائِزِ قَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا تَوَسَّلْنَا إِلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّل إِلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا " أَيْ: بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ.

وقَوْله تَعَالَى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (١) }

أَيْ: الْقُرْبَةَ إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ طَاعَتُهُ. قَال تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (٢) } فَهَذَا التَّوَسُّل الأَْوَّل هُوَ أَصْل الدِّينِ، وَهَذَا لاَ يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا التَّوَسُّل بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ - كَمَا قَال عُمَرُ


(١) سورة المائدة / ٣٥.
(٢) سورة النساء / ٨.