للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ تَوَسُّلٌ بِدُعَائِهِ لاَ بِذَاتِهِ؛ وَلِهَذَا عَدَلُوا عَنِ التَّوَسُّل بِهِ (أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ) إِلَى التَّوَسُّل بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ، وَلَوْ كَانَ التَّوَسُّل هُوَ بِذَاتِهِ لَكَانَ هَذَا أَوْلَى مِنَ التَّوَسُّل بِالْعَبَّاسِ، فَلَمَّا عَدَلُوا عَنِ التَّوَسُّل بِهِ إِلَى التَّوَسُّل بِالْعَبَّاسِ، عُلِمَ أَنَّ مَا يُفْعَل فِي حَيَاتِهِ قَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهِ. بِخِلاَفِ التَّوَسُّل الَّذِي هُوَ الإِْيمَانُ بِهِ، وَالطَّاعَةُ لَهُ، فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ دَائِمًا.

وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ: التَّوَسُّل بِهِ بِمَعْنَى الإِْقْسَامِ عَلَى اللَّهِ بِذَاتِهِ، وَالسُّؤَال بِذَاتِهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ فِي الاِسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ، لاَ فِي حَيَاتِهِ وَلاَ بَعْدَ مَمَاتِهِ، لاَ عِنْدَ قَبْرِهِ وَلاَ غَيْرِ قَبْرِهِ، وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنَ الأَْدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا يُنْقَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ، أَوْ عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً.

ثُمَّ يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ حَرَامٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَدْ حُكِيَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَقِيل: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ. وَالأَْوَّل أَصَحُّ (١) .

فَالإِْقْسَامُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اللَّهِ - وَالسُّؤَال بِهِ بِمَعْنَى الإِْقْسَامِ - هُوَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ (٢) .


(١) الموسوعة الفقهية بالكويت ٧ / ٢٦٣ وما بعدها.
(٢) قاعدة جليلة ص٥١.