للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنَ التَّامُّ الإِْيمَانُ لأَِنَّ مَنْ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ وَكَمُل إِيمَانُهُ كَأَبِي جُحَيْفَةَ تَفَكَّرَ فِيمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ، فَيَمْنَعُهُ الْخَوْفُ وَالإِْشْفَاقُ مِنْ تِلْكَ الأَْهْوَال مِنِ اسْتِيفَاءِ شَهَوَاتِهِ (١) .

كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ لأَِبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ مَنْ كَثُرَ تَفَكُّرُهُ قَل طَعْمُهُ، وَمَنْ قَل تَفَكُّرُهُ كَثُرَ طَعْمُهُ وَقَسَا قَلْبُهُ (٢) .

وَقَال فِي الْفَتْحِ تَعْلِيقًا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا اطِّرَادُهُ فِي حَقِّ كُل مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ، فَقَدْ يَكُونُ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَأْكُل كَثِيرًا إِمَّا بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَإِمَّا لِعَرَضٍ يَعْرِضُ لَهُ مِنْ مَرَضٍ بَاطِنٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.

١٠ - وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَرْكِ الطَّيِّبَاتِ وَالإِْعْرَاضِ عَنِ اللَّذَّاتِ، فَقَال قَوْمٌ: لَيْسَ ذَلِكَ مِنَ القُرُبَاتِ، وَالْفِعْل وَالتَّرْكُ يَسْتَوِي فِي الْمُبَاحَاتِ. قَال آخَرُونَ: لَيْسَ قُرْبَةً فِي ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ سَبِيلٌ إِلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَقَصْرُ الأَْمَل فِيهَا، وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ لأَِجْلِهَا، وَذَلِكَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَالْمَنْدُوبُ قُرْبَةٌ، وَنُقِل عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ: لَوْ شِئْنَا لاَتَّخَذْنَا صِلاَءً، وَصَلاَئِقَ، وَصِنَابًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَل يَذُمُّ أَقْوَامًا


(١) القرطبي ٧ / ١٩٤.
(٢) حديث: " من كثر تفكره قل طعمه ومن قل تفكيره كثر طعمه وقسا قلبه " لم نعثر عليه في المصادر التي بين أيدينا من كتب الحديث.