للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِمَّا لِلضَّرُورَةِ: كَمَا فِي قَوْل الأُْمَنَاءِ فِي تَلَفِ الأَْمَانَاتِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَإِنَّهُ يُقْبَل مَعَ أَنَّ الأَْصْل عَدَمُهُ، لأَِنَّهُ أَمْرٌ عَارِضٌ، وَإِنَّمَا قُبِل كَيْلاَ يَزْهَدَ النَّاسُ فِي قَبُول الأَْمَانَاتِ، فَتَفُوتُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ. (١) وَكَمَا فِي قَوْل الْغَاصِبِ بِتَلَفِ الْمَغْصُوبِ، فَإِنَّهُ يُقْبَل مَعَ يَمِينِهِ، لِلضَّرُورَةِ، وَيُعْتَبَرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ، إِذْ لَوْ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ، وَاعْتُبِرَ مُدَّعِيًا لَكَانَ مَصِيرُهُ الْخُلُودَ فِي السِّجْنِ. (٢)

ثَانِيًا: ذَهَبَ مُعْظَمُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ: مَنْ يَلْتَمِسُ خِلاَفَ الظَّاهِرِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ: مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالظَّاهِرِ. (٣) وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ بِنَفْسِهِ، وَظَاهِرٌ بِغَيْرِهِ، وَيُطْلِقُونَ كَثِيرًا لَفْظَ " الأَْصْل " عَلَى النَّوْعِ الأَْوَّل، وَإِذَا ذَكَرُوا الظَّاهِرَ فِي مُقَابَلَةِ الأَْصْل كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ النَّوْعَ الثَّانِيَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ بِغَيْرِهِ. وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي التَّعْرِيفِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْصَدُ بِهِ النَّوْعَانِ جَمِيعًا.


(١) تهذيب الفروق ٤ / ١٢٢ بهامش الفروق - مطبعة عيسى الحلبي بمصر - الطبعة الأولى ١٣٤٦ هـ.
(٢) تبصرة الحكام ١ / ١٢٦
(٣) الوجيز للغزالي ٢ / ٢٦٠ - مطبعة الآداب ١٣١٧ هـ، المنهاج ومغني المحتاج ٤ / ٤٦٤ طبع الحلبي ١٣٧٧هـ، قواعد الأحكام ٢ / ٣٢ - دار الشرق للطباعة بالقاهرة ١٣٨٨هـ، شرح المحلي ٤ / ٣٣٦ مطبعة مصطفى الحلبي ١٩٥٦م، حاشية الباجوري ٢ / ٤٠١ مطبعة السعادة - الطبعة الأولى ١٩١٠ م