للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ هُوَ أَقْوَى أَنْوَاعِ الظَّاهِرِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُسْتَفَادًا مِنَ الأُْصُول، كَالظَّاهِرِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْبَرَاءَةِ الأَْصْلِيَّةِ: بَرَاءَةِ الذِّمَمِ مِنَ الْحُقُوقِ، وَالأَْجْسَادِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ وَبَرَاءَةِ الإِْنْسَانِ مِنَ الأَْفْعَال وَالأَْقْوَال جَمِيعِهَا. (١)

وَالظَّاهِرُ بِغَيْرِهِ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْعُرْفِ وَالْعَوَائِدِ، أَوْ مِنَ الْقَرَائِنِ وَدَلاَئِل الْحَال.

وَإِذَا تَعَارَضَ الظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ مَعَ الظَّاهِرِ بِغَيْرِهِ فَغَالِبًا مَا يُقَدِّمُ الشَّافِعِيَّةُ الأَْوَّل، وَيَكُونُ الَّذِي يَدَّعِي خِلاَفَهُ مُدَّعِيًا يُكَلَّفُ بِالْبَيِّنَةِ إِنْ لَمْ يُقِرَّ خَصْمُهُ، وَالآْخَرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَمِثَال ذَلِكَ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوِ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا الْحَاضِرِ أَنَّهُ لاَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا، فَالأَْصْل يَقْضِي بِعَدَمِ الإِْنْفَاقِ، وَالظَّاهِرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَرَائِنِ الْحَال يَقْضِي بِأَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَالشَّافِعِيَّةُ يُقَدِّمُونَ الأَْوَّل عَلَى الثَّانِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيَكُونُ الْقَوْل قَوْل الْمَرْأَةِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ، حَيْثُ يَجْعَلُونَ الْمَرْأَةَ مُدَّعِيَةً، وَالزَّوْجُ مُدَّعًى عَلَيْهِ. (٢)

أَمَّا إِذَا تَعَارَضَ ظَاهِرَانِ فِي قُوَّةٍ وَاحِدَةٍ، كَأَنْ


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٧٠ - ٧١ - طبع مكة ١٣٣١ هـ، وقواعد الأحكام ٢ / ٣٢، مغني المحتاج ٤ / ٤٦٤ طبع الحلبي ١٣٧٧ هـ
(٢) لب اللباب ص ٢٥٥ - المطبعة التونسية بتونس ١٣٤٦ هـ