للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما أخرجه (١) ابن المنذر عن عكرمة قال: إنَّ رجلًا يقال له: الوارث بن عمرو بن الحارث جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد متى قيام الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب بلادنا؟ وقد تركت أمرأتي حبلى فما تلد؟ وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا أكسب غدًا؟ وقد علمت بأيّ أرض ولدت فبأي أرض أموت؟ فنزلت: {اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...} الآية.

وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مفاتيح الغيب خمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)} ".

التفسير وأوجه القراءة

٢٢ - {وَمَنْ يُسْلِمْ}: {من}: شرطية. {أسلم} (٢) إذا عدي بإلى .. يكون بمعنى سلم، وإذا عدي باللام .. تضمن معنى الإخلاص، والوجه: بمعنى الذات؛ أي: ومن يسلم نفسه إلى الله تسليم المتاع للعامل، بأن فوض أمره إليه، وأقبل بكليته إليه، {وَهُوَ مُحْسِنٌ}؛ أي: موحد مخلص في عمله؛ أي: والحال أنه محسن في عمله، آتٍ به على الوجه اللائق، الذي هو حسنه الوصفي المستلزم لحسنه الذاتي، ولا يحصل ذلك غالبًا إلا على مشاهدة، ولذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإحسان في حديث جبريل عليه السلام، "بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك". وجواب الشرط قوله: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ}؛ أي: تعلق وأخذ {بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}؛ أي: بعروة الحبل المعلق في الهواء، المحكمة: تلك العروة الموثقة المأمونة من الانقطاع وسقوط من تمسك وتعلق بها، والاستمساك هنا بمعنى: الإمساك، والسين والتاء فيه زائدتان، وإمساك الشيء: التعلق به، كما سيأتي في مباحث اللغة، والعروة: ما يعلق به الشيء، والمراد بها: مقبض نحو الدلو والكوز، والوثقى: تأنيث الأوثق؛ أي: الوثيقة القوية التي يؤمن من تمسك وتعلق


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.