للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {جَنَّاتُ} بالجمع، وقرأ النخعي شذوذًا: {جنة} بالإفراد، وروي عن ابن كثير وأبي عمرو {يدخلونها} مبنيًّا للمفعول وهي رواية شاذة. وقرأ ابن أبي عبلة شذوذًا: {ومن صلح} - بضم اللام -، وقرأ الجمهور بفتحها وهو أفصح. وقرأ عيسى الثقفي: {وذريتهم} بالتوحيد، والجمهور بالجمع. وقرأ ابن يعمر شاذًا: {فنعم} - بفتح النون وكسر العين - وهي الأصل. وقرأ ابن وثاب شاذًا: {فنَعْمَ} - بفتح النون وسكون العين - وتخفيف فعل لغة تميمية، والجمهور {فَنِعْمَ} - بكسر النون وسكون العين - وهي أكثر استعمالًا.

٢٥ - ولما ذكر الله سبحانه وتعالى أحوال السعداء وما أعد لهم من الكرامات والخيرات .. ذكر بعده أحوال الأشقياء وما لهم من العقوبات، فقال: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ} مبتدأ خبره قوله الآتي: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ}؛ أي: والكفار الذين يخلفون عهد الله سبحانه وتعالى ويتركون وفاء عهده المأخوذ عليهم بالطاعة والإيمان {مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}؛ أي: من بعد توكيد ذلك العهد بالإقرار والقبول في عالم الذر، وهو العهد الذي جرى بينهم؛ إذا أخرجهم من ظهر آدم وعاهدهم على التوحيد والعبودية، كما قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}.

ونقضه (٢): إما بأن لا ينظروا فيه، فلا يمكنهم العمل بموجبه، وإما بأن ينظروا فيه ويعلموا صحته، ثم هم بعد يعاندون فيه ولا يعملون بما علموه واعتقدوا صحته. وقوله: {مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}؛ أي: من بعد اعترافهم به وإقرارهم بصحته {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ}؛ أي: ويتركون وصل ما أمر الله سبحانه بوصله من الإيمان به وبجميع أنبيائه الذين جاؤوا بالحق، فآمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض، وقطعوا الرحم وموالاة المؤمنين، وكانوا حربًا على المؤمنين وعونًا للكافرين، ومنعوا المساعدات العامة التي توجب التآلف والمودة بين المؤمنين، كما جاء في الحديث: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"،


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.