فهو أولى بالعمل في المذكور كما هو مذهب البصريّين لكونه بمنزلة العلة القريبة. وأصله: هاؤمو كتابي، واقرؤوا كتابي فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، نظيره قوله تعالى:{آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}.
مبحث هاء السكت
والهاء في {كِتَابِيَهْ} للوقف والاستراحة والسكت، تثبت في الوقف وتسقط في الوصل، كما هو الأصل في هاء السكت؛ لأنّها إنّما جيء بها حفظًا للحركة؛ أي: لتحفظ حركة الموقوف عليه، إذ لولا الهاء لسقطت الحركة في الوقف، فتثبت حال الوقف، إذ لا حاجة إليها في حال الوصل، فلذلك كان حقَّها أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل. إلَّا أن القراء السبعة اتفقوا في كل المواضع على إثباتها وقفًا ووصلًا إجراء للوصل مجرى الوقف، واتباعًا لرسم الإِمام، فإنها ثابتة في المصحف في كل المواضع. وهي {كِتَابِيَهْ} و {حِسَابِيَهْ}، و {مَالِيَهْ}، و {سُلْطَانِيَهْ}، و {مَا هِيَهْ} في القارعة. وما كان ثابتًا فيه لا بد أن يكون مثبتًا في اللفظ، إلا أن حمزة أسقط الهاء من ثلاث كلم وصلًا، وهي:{مَالِيَهْ} و {سُلْطَانِيَهْ} و {مَا هِيَهْ}، وأثبتها وقفًا على الأصل، ولم يعمل بالأصل في {كِتَابِيَهْ} و {حِسَابِيَهْ}، وأثبتها في الحالين جمعًا بين اللغتين. وتبين من هذا التقرير أن المستحب إيثار الوقف إتباعًا للوصل، وأن إثباتها وصلًا أنما هو لاتباع المصحف.
قال في "القاموس": هاء السكت هي اللاحقة لبيان حركة أو حرف نحو: {مَا هِيَهْ}، وها هناه، وأصلها أن يوقف عليها، وربما وصلت بنية الوقف انتهى. وهذه الهاء لا تكون إلا ساكنة، وتحريكها لحن؛ أي: خطأ؛ لأنه لا يجوز الوقف على المتحرك. وهاء (١) السكت في القرآن في سبعة مواضع: في {لَمْ يَتَسَنَّهْ}، وفي {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، وفي {كِتَابِيَهْ} وفي {حِسَابِيَهْ}، وفي {مَالِيَهْ}، وفي {سُلْطَانِيَهْ}، وفي {مَا هِيَهْ}. وأما الهاء التي في {الْقَاضِيَةَ}، وفي {هَاوِيَة}، وفي {خَاوِيَة} و {ثَمَانِيَةً} و {عَالِيَةٍ} و {دَانِيَةٌ}، وأمثالها فللتأنيث فيوقف عليهن بالهاء يوصلن بالتاء.