للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكفار الذين لا يتعقلون حجج الله تعالى، ولا يتفكرون في آياته ولا يتدبرون فيما نصبه لهم من الأدلة؛ أي: وإذا (١) كان كل شيء بإذنه وتيسيره ومشيئته التي تجري بقدره، فهو يجعل الإذن وتيسير الإيمان للذين يعقلون آياته ويوازنون بين الأمور، فيختارون خير الأعمال، ويتقون شرها ويرجحون أنفعها على أضرها بإذنه وتيسيره، ويجعل الخذلان والخزي المرجح للكفر والفجور على الذين لا يعقلون ولا يتدبرون، إذ هم لخطل رأيهم وسلوك سبيل الهوى، يرجحون الكفر على الإيمان والفجور على التقوى. وقرأ (٢) الحسن وأبو بكر والمفضل وزيد بن علي: {ونجعل} بالنون. وقرأ الأعمش: {ويجعل الله الرجز} بالزاي وفي الرجس لغتان، ضم الراء، وكسرها، والرجز بمعناه.

١٠١ - ولما بين سبحانه وتعالى أن الإيمان لا يحصل إلا بمشيئة الله تعالى .. أمر بالنظر والاستدلال بالدلائل السماوية والأرضية فقال: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: قل (٣) أيها الرسول لمن تحرص على هدايتهم، من كفار قومك، انظروا بأبصاركم وفكروا وتأملوا ببصائركم، ماذا في السموات والأرض؛ أي: في المخلوق الذي في السموات والأرض، من كواكب نيرات ثوابت وسيارات، وشمس وقمر، وليل ونهار، وسحاب ومطر، وهواء وماء، وليل ونهار. وإيلاج أحدهما في الآخر حتى يطول هذا ويقصر ذاك، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع، والأزاهير وصنوف النبات، وما ذرأ فيها من دواب مختلفة الأشكال والألوان والمنافع، وما فيها من جبال وسهول وقفار وعمران، وما في البحر من عجائب، وهو مسخر مذلل للسالكين، يحمل سفنهم ويجري بها برفق، بتسخير القدير العليم، الذي لا إله غيره ولا رب سواه {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)} إنه يريكم كل هذه الآيات، ثم أنتم تشركون، وما أحسن قول الشاعر:


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط والشوكاني.
(٣) المراغي.