للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على اختلاف بينهم في بعض ذلك، وتفصيل ذلك مذكور في كتب القراءات.

٣٤ - {وَ} اذكر يا محمد لأمتك قصة {إِذْ قُلْنا}؛ أي: قصة وقت قولنا: {لِلْمَلائِكَةِ} الذين أنزلهم الله سبحانه إلى الأرض؛ لطرد الجن، أو لجميع الملائكة، وهو الظاهر من قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠)} وقرأ الجمهور (١) {لِلْمَلائِكَةِ} بجر التاء، وقرأ أبو جعفر، يزيد بن القعقاع، وسليمان بن مهران، بضم التاء إتباعا لحركة الجيم، ونقل أنها لغة أزد شنوءة، وقال الزجاج: هذا غلط من أبي جعفر، وقال الفارسي: هذا خطأ، ولكن لا ينبغي أن يغلّط؛ لأنّ القارىء بها أبو جعفر، أحد القراء المشاهير الذين أخذوا القرآن عرضا، عن عبد الله بن عباس، وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - وهو شيخ نافع بن أبي نعيم، أحد القراء السبعة، وقد علّل ضمّ التاء؛ لشبهها بألف الوصل، ووجه الشبه: أنّ الهمزة تسقط في الدرج؛ لكونها ليست بأصل، والتاء في الملائكة تسقط أيضا؛ لأنها ليست بأصل، ألا تراهم قالوا الملائك، وقيل:

ضمت؛ لأنّ العرب تكره الضمة بعد الكسرة لثقلها.

{اسْجُدُوا} لله سبحانه وخروا له سجودا شرعيا بوضع الجبهة مستقبلين إلى {آدم} عليه السلام قبلة لسجودهم؛ تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله، فجعل آدم قبلة لسجودهم، والسجود لله، كما جعلت الكعبة قبلة للصلاة، والصلاة لله، أو اسجدوا لآدم سجود تحية بالانحناء من غير وضع الجبهة على الأرض.

والسجود لغة (٢): الخضوع والانقياد. وشرعا: وضع الجبهة على الأرض مع أعضائه بقصد العبادة. والمأمور به؛ إما المعنى الشرعي، كما ذكرناه أولا، فالمسجود له في الحقيقة هو الله تعالى، وجعل آدم قبلة سجودهم، تفخيما لشأنه؛ وإما المعنى اللغوي، كما ذكرناه آنفا، وهو التواضع لآدم تحية وتعظيما له، كسجود إخوة يوسف له، وكان سجود التحية جائزا فيما مضى من الأمم، ثم نسخ


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.