وأدناها - بحسب زعمكم -، وهذا خلاف الحكمة، وما عليه عقولكم، وعادتكم، فإنّ العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشَّوب والنَّقص ويكون أردأها وأدناها للسادات.
والمعنى (١): أفْضَّلكم على جنابه، فخصَّكم ربّكم بالذكور من الأولاد، واتخذ من الملائكة إناثًا، وأنتم لا ترضونهن لأنفسكم، بل تئدونهنَّ، وتقتلونهن، فتجعلون له ما لا ترضون لأنفسكم.
وخلاصة ذلك: أنّهم جعلوا الملائكة إناثًا، ثم ادعوا أنّهن بنات الله، ثمّ عبدوهن، فأخطؤوا في الأمور الثلاثة، خطأً عظيمًا، ومن ثمّ قال:{إِنَّكُمْ} أيها المشركون {لَتَقُولُونَ} بإضافة الولد إليه تعالى {قَوْلًا عَظِيمًا} أي: قولا فظيعا لا يجترىء عليه أحد؛ حيث تجعلونه سبحانه من قبيل الأجسام المتجانسة السّريعة الزوال، ثمّ تضيفون إليه ما تكرهون من أخس الأولاد، وتفضّلون عليه أنفسكم بالبنين، ثم تصفون الملائكة الذين هم من أشرف الخلق بالأنوثة التي هي أخس أوصاف الحيوان.
٤١ - ولما كان هذا الكلام غايةً في الوضوح والبيان، ولا يخفى فهمه على إنسان، ثمّ هم بعد ذلك، أعرضوا عنه نبّه إلى ذلك فقال:{وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ}؛ أي: وعزتي وجلالي، لقد صرّفنا وبيّنا وكررنا في هذا القرآن الكريم الآيات والحجج، وضربنا لهم الأمثال وحذرناهم، وأنذرناهم {لِيَذَّكَّرُوا} ويتعظوا، فيقفوا على بطلان