الأعمش والمفضل عن عاصم {عددًا} بالتنوين، والمعنى؛ أي: قال الملك المأمور بسؤالهم: كم لبثتم فى الأرض والدنيا التي تطلبون أن ترجعوا إليها عددًا من السنين، والغرض من هذا السؤال: التبكيت؛ لأنم كانوا لا يعدون اللبث إلا فى دار الدنيا، ويظنون أن الفناء يدوم بعد الموت، ولا إعادة. فلما حصلوا فى النار، وأيقنوا أنهم مخلدون فيها، سألهم الله: كم لبثتم فى الأرض، فإنهم فيها تمكنوا من العلم والعمل، تذكيرًا لهم بأن الذي ظنوه طويلًا فهو قليل بالنسبة إلى ما أنكروه، فحينئذٍ تحصل لهم الحسرة على ما كانوا يعتقدونه فى الدنيا، حيث أيقنوا خلافه،
١١٣ - {قَالُوا}؛ أي: قال أهل النار جوابًا لسؤال ربهم {لَبِثْنَا يَوْمًا} ثم شكوا فى ذلك فقالوا: {أَوْ} لبثنا {بَعْضَ يَوْمٍ} استقصارًا لمدة لبثهم فيها بالنسبة إلى دخولهم فى النار، أو لأنها كانت أيام السرور وأيام السرور قصار، أو لأنها منقضية، والمنقضي كالمعدوم، وقد اعترفوا بالنسيان، حيث قالوا:{فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}؛ أي: الذين يعلمون عدد أيام الدنيا وساعاتها أو الذين يحصون الأعمال وأوقات الحياة والممات إن أردت تحقيقها فإنا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكرها وإحصائها.
وفي "التأويلات النجمية": {فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} يعني: الذين يعدون أنفاسنا وأيامنا وليالينا، من الملائكة الموكلين علينا. اهـ. وقال قتادة: يعني الحساب. وقرأ الحسن والزهري وأبو عمران الجوني والكسائي:{الْعَادِّينَ} بتخفيف الدال؛ أي: الظلمة رؤساءنا الذين أضلونا. وقرىء:{العاديين} بياء مشددة، جمع عادى؛ أي: القدماء المعمرين.
١١٤ - {قَالَ} الله سبحانه لهم بلسان مالك {إِنْ لَبِثْتُمْ}؛ أي: ما لبثتم فى الدنيا {إِلَّا} زمانًا {قَلِيلًا} تصديقًا لم فى تقليلهم لسني لبثهم فى الدنيا. وقليلًا صفة مصدر محذوف؛ أي: لبثًا قليلًا، أو زمان محذوف؛ أي: زمانًا قليلًا {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} شيئًا من العلم، لعلمتم يومنذٍ قلة لبثكم فى الدنيا، كما علمتم اليوم.