للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨)}. وكانوا من أشدّ الأمم، وأقواهم، وأعتاهم على الله ورسوله. وقيل: الأولى القدماء؛ لأنهم أولى الأمم هلاكًا بعد قوم نوح؛ أي: فالمراد بعاد: جميع من انتسب إلى عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح. ووصفهم بالأولية ليس للاحتراز عن عاد الأخيرة، بل لتقدم هلاكهم بحسب الزمان على هلاك سائر الأمم بعد قوم نوح. قال في "التكملة": وصف عاد بالأولى يدل على أن لها ثانية. فالأولى هي عاد بن إرم قوم هود. والثانية من ولدها، وهي التي قاتلها موسى عليه السلام بأريحاء. كانوا تناسلوا من الهزيلة بنت معاوية، وهي التي بنت من قوم عاد مع بنيها الأربعة: عمر, وعمرو، وعامر، والعتيد. وكانت الهزيلة من العماليق، انتهى.

وقرأ الجمهور (١): {عَادًا الْأُولَى} بتنوين عادًا وكسره لالتقاءه ساكنًا مع سكون لام الأولى، وتحقيق الهمزة بعد اللام. وقرأ قوم كذلك، غير أنهم نقلوا حركة الهمزة إلى اللام، وحذفوا الهمزة. وقرأ نافع، وابن كثير، وابن محيصن وأبو عمرو بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة.

٥١ - {وَثَمُودَ} معطوف على: {عَادًا}. لأنَّ ما بعده لا يعمل فيه لمنع ما النافية عن العمل. وهم قوم صالح عليه السلام، أهلكهم الله سبحانه بالصيحة. {فَمَا أَبْقَى} الله سبحانه وتعالى أحدًا من الفريقين.

والمعنى: أي وأنه أهلك ثمود كما أهلك عادًا؛ فما أبقى منهم عينًا تطرف. ويجوز أن يكون المعنى: فما أبقى عليهما. فالإبقاء على هذا المعنى: الترحم عليهم. وإنما لم يترحم عليهم لكونهم من أهل الغضب، ورحمة الله لأهل اللطف دون القهر؛ أي: فما أبقى عليهم، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر. وقرأ الجمهور (٢) {وثمودًا} مصروفًا. وقرأه غير مصروف: الحسن، وعاصم، وعصمة.

٥٢ - {وَقَوْمَ نُوحٍ} معطوف على {عَادًا} أيضًا؛ أي: وأنّه سبحانه أهلك قوم نوح عليه السلام {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل إهلاك عاد، وثمود. {إِنَّهُمْ}؛ أي: إن قوم نوح {كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ} لنببهم {وَأَطْغَى}؛ أي: أعتى لربهم من الفريقين، حيث كانوا


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.