للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي "الخطيب" (١): لما أورد على المشركين تلك الأدلة، الدالة على إثبات إله العالم .. أمره بقوله: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ} إلخ؛ أي: قل لهؤلاء الذين يجادلونك في ألبعث، مقابلًا لانكارهم بالتوكيد {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ}؛ أي: نهيًا عامًا ببراهين العقول، ونهيًا خاصًا بأدلة النقل، أن أعبد الذين تعبدون من دون الله حين جاءني البينات من ربي؛ أي: دلائل التوحيد العقلية والنقلية. اهـ.

وخلاصة المعنى (٢): أي قل أيها الرسول لمشركي قومك من قريش وغيرهم: إني نهيت أن أعبد ما تعبدون من دون الله من وثن أو صنم، حين جاءتني الأدلة من عند ربي، وهي آيات الكتاب الذي أنزله علي، وهي مؤيدة لأدلة العقل، ومنبهة لها، وجملة ذلك: أن الايات التنزيلية مفسرات للآيات التي في الأكوان والأنفس.

ولما بين أنه نهى عن عبادة غير الله تعالى .. أردف ذلك بأنه أمر بعبادته تعالى فقال: {وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ أي: أمرت بأن أنقاد أو أخلص، فالأول على أن يكون {أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} من قولم: أسلم أمره إلى الله؛ أي: سلم وفوض، وذلك إنما يكون بالرضا والانقياد لحكمه، والثاني مفعول {أُسْلِمَ} محذوفًا؛ أي: أمرت أن أسلم أمري أو أخلص توحيدي وطاعتي له. اهـ "زاده"؛ أي: أمرت بالانقياد والخضوع أو بالإخلاص له.

قال في "برهان القرآن": مدح سبحانه نفسه وختم ثلاث آيات على التوالي بقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} وليس له في القرآن نظير.

٦٧ - ثم ذكر من الدلائل على وجوده تعالى تكوين الإنسان من ابتداء النطفة إلى وقت الشيخوخة، فقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ ...} وعبارة زاده هنا: لما استدل على ثبوت الإله ووجوده بأربع من دلائل الآفاق، وهي الليل والنهار، والأرض والسماء، وبثلاث من دلائل الأنفس، وهي التصوير وحسن الصورة، ورزق الطيبات .. ذكر من دلائل الأنفس كيفية تكون البدن من ابتداء كونه نطفة إلى آخر الشيخوخة والموت، فقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ} الخ. انتهى.

أي: هو سبحانه وتعالى الإله الذي خلقكم وأوجدكم يا بني آدم {مِنْ تُرَابٍ}؛


(١) الخطيب.
(٢) المراغي.