للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المشركين في مسلكهم {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} إخلاصكم وغاظهم إنابتكم إلى ربكم، ولا تلتفتوا إلى كراهتهم لذلك، ودعوهم يموتوا بغيظهم ويهلكوا بحسرتهم.

وقد ثبت في "الصحيح" عن عبد الله بن الزبير - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عقب الصلوات المكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون".

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ادعوا الله تبارك وتعالى وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء قلب غافل لاهٍ".

١٥ - وبعد أن ذكر من صفات كبريائه إظهاره للآيات وإنزاله للأرزاق .. ذكر ثلاث صفات أخرى تدل على جلاله وعظمته، فقال:

١ - {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ}؛ أي: هو سبحانه أرفع الموجودات وأعظمها شأنًا؛ لأن كل شيء محتاج إليه، وهو مستغن عما عداه، وأنه أزلي أبدي، ليس لوجوده أول ولا آخر، وأنه العالم بكل شيء.

٢ - {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} وارتفاع رفيع الدرجات على أنه خبر ثان عن المبتدأ المتقدم؛ أي: هو الذي يريكم آياته وهو رفيع الدرجات، وكذلك قوله:

٣ - {ذُو الْعَرْشِ} خبر ثالث، ويجوز أن يكونا خبرين لمبتدأ محذوف، والرفيع: صفة مشبهة، أضيفت إلى فاعلها بعد النقل إلى فعل بالضم، كما هو المشهور، وتفسيره بالرافع؛ ليكون من إضافة اسم الفاعل إلى المفعول، بعيد في الاستعمال كما في "الإرشاد".

والمعني: رفيع الصفات والأفعال عن كل ما لا يليق به {ذُو الْعَرْشِ} العظيم أي: مالك العرش وخالقه ومدبره، فهو مستول على معالم الأجسام، وأعظمها العرش، كما هو مستول على عالم الأرواح، وهي مسخرة له، وإلى ذلك أشار بقوله: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} وذلك يقتضي علو شأنه وعظم سلطانه، ومن كان كذلك .. فهو الذي يحق له العبادة ويجب له الإخلاص، وجملة قوله: {يُلْقِي الرُّوحَ