بِكَافِرِينَ}؛ أي: ولكن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَالَّذِينَ آمَنُوا} به وكانوا {مَعَهُ} في كل المهام الدينية ولا يفارقونه {جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} وقاموا بالواجب خير قيام، عملًا بداعي الإيمان وأمر الله في القرآن {وَأُولَئِكَ} المجاهدون في سبيل الله {لَهُمُ الْخَيْرَاتُ}؛ أي منافع الدارين، النصر والغنيمة في الدنيا، والجنة والكرامة في الآخرة؛ أي لهم الخيرات التى هى ثمرات الإيمان والجهاد من شرف النصر، ومحو كلمة الكفر، وإعلاء كلمة الله، وإقامة الحق والعدل، والتمتع بالغنائم، والسيادة في الأرض دون المنافقين الجبناء، الذين ألفوا الذلة والهوان، ولم يكونوا أهلًا للقيام بهذه الأعباء {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ أي: هم الفائزون بسعادة الدنيا، وسعادة الآخرة، دون المنافقين الذين حرموا منهما بنفاقهم بما له من الأثر في أخلاقهم وأعمالهم.
٨٩ - وقوله:{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} إلى آخره، كلام مستأنف مسوق لبيان ما لهم من الخيرات الأخروية؛ أي،: هيأ الله سبحانه وتعالى لهم في الآخرة {جَنَّاتٍ}؛ أي: بساتين {تَجْرِي} وتسيل {مِنْ تَحْتِهَا}، أي: من تحت أشجارها وقصورها {الْأَنْهَار} الأربعة الماء واللبن والخمر والعسل حالة كونهم {خَالِدِينَ فِيهَا}؛ أي: ماكثين في تلك الجنات مكثًا مؤبَّدًا، لا نهاية له، لا يموتون ولا يخرجون منها {ذَلِكَ} المذكور من الخيرات والفلاح وإعداد الجنات، الموصوفة بتلك الصفة هو {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} والظفر الجسيم الذي لا فوز وراءه.
٩٠ - وقوله:{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} شروع في بيان أحوال منافقي الأعراب، إثر بيان أحوال منافقي أهل المدينة، والمعذرون: هم المعتذرون بالأعذار الباطلة الكاذبة {مِنَ الْأَعْرَابِ} هم سكان البوادي، وهم أخص من العرب، إذ العربي من تكلم باللغة العربية، سواء كان يسكن البادية أو الحاضرة، وهؤلاء (١) المعذرون هم أسد وغطفان استأذنوا في التخلف معتذرين بالجهد وكثرة العيال، وقيل: هم رهط عامر بن الطفيل، قالوا: إن غزونا معك .. أغارت طيءُ على أهالينا ومواشينا،