للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعمة صاحبه دونه، وهو كقوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} وقيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل تضر الغبطة؟ قال: "لا، إلا كما يضر العضاه الخبط".

والمعنى (١): أي قال من كان همه الدنيا وزينتها: يا ليت لنا من الأموال والمتاع مثل ما لقارون منها، حتى نُنعم عيشًا، ونتمتع بزخارف الحياة، كما يتمتع هو بها.

وإن مثل هذا التمني ليشاهد كل يوم وفي كل بلد وفي كل قرية، فترى الرجل والشاب والمرأة والفتاة يتمنى كل منهم أن يكون له مثل ما أوتي فلان وفلانة من ثوب جميل، أو دابة فارهة، أو مزرعة يحصد غلتها، أو قصر مشيد، أو نحو ذلك. ثم عللوا تمنيهم وأكدوه بقولهم: {إِنَّهُ}؛ أي: إن قارون {لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}؛ أي: لصاحب نصيب وافر من الدنيا؛ أي: إن الله سبحانه قد تفضل عليه وآتاه من بسطة الرزق حظًا عظيمًا، ونصيبًا كبيرًا يغبط عليه، والقائلون هذه المقالة إما جماعة من المؤمنين، قالوا ذلك جريًا على الجبلة البشرية من الرغبة في السعة واليسار، وإما عصبة من الكفار والمنافقين تمنوا مثل ماله، ولم يتمنوا زوال نعمته، ومثل هذا لا ضرر فيه كما مر.

٨٠ - {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} بما أعد الله لعباده في الآخرة، وصدقوا به ردًا على أولئك المتمنين {وَيْلَكُمْ} أي: تبًا لكم وخسرًا، كيف تتغالون في طلب الدنيا، ويسيل لعابكم عليها، وهو (٢) دعاء بالإهلاك بمعنى ألزمكم الله ويلًا؛ أي: عذابًا وهلاكًا، وقد شاع استعماله في الزجر عما لا يُرتضى، وقد سبق في سورة طه، قال الزمخشري: ويلك أصله الدعاء بالهلاك، ثم استُعمل في الزجر والردع، والحث على ترك ما لا يرتضى، اهـ.

{ثَوَابُ اللَّهِ} في الآخرة {خَيْرٌ} مما تتمنون {لِمَنْ آمَنَ} بالله وصدق به، وآمن برسله {وَعَمِلَ} عملًا {صَالِحًا} فلا يليق بكم أن تتمنوه غير مكتفين بثوابه


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.