هو العذاب المؤلم الموجع، الذي لا يشبهه عذاب آخر، وفي هذا تهديد شديد وتحذيرٌ لخلقه أن يقدموا على معاصيه.
وفي هذه الآية لطائف (١):
منها: أنه سبحانه وتعالى أضاف العباد إلى نفسه بقوله: {نَبِّئْ عِبَادِي} وهذا تشريف وتعظيم لهم، ألا ترى أنه لما أراد أن يشرف محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء .. لم يزد على قوله:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} فكل من اعترف على نفسه بالعبودية لله تعالى فهو داخل في هذا التشريف العظيم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى لمَّا ذكر الرحمة والمغفرة .. بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة، أولها: قوله: {أَنِّي} وثانيها: {أَنَا}، وثالثها: إدخال الألف واللام في: {الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وهذا يدل على تغليب جانب الرحمة والمغفرة،
٥٠ - ولما ذكر العذاب .. لم يقل: إني أنا المعذب، وما وصف نفسه بذلك، بل قال: {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)} على سبيل الإخبار.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يبلغ عباده هذا المعنى، فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة لعباده، ثم ذكر سبحانه قصصًا تقدم مثله بأسلوب آخر في سورة هود.
٥١ - وبدأ قصص إبراهيم عليه السلام فقال: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (٥١)} الخليل عليه السلام، وهذا معطوف على ما قبله؛ أي: وأخبر يا محمد عبادي عن قصة ضيف إبراهيم، وقرأ أبو حيوة:{ونبِّيْهم} بإبدال الهمزة ياء، وأصل الضيف الميل، يقال: ضفت إلى كذا ملت إليه، والضيف من مال إليك نزولًا بك، وصارت صفة الضيافة متعارفة في القرى، وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في عامة كلامهم، وقد يجمع فيقال: أضياف وضيوف وضيفان، وضيف إبراهيم هم الملائكة الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى ليبشروا إبراهيم بالولد، ويهلكوا قوم لوط، وفيهم جبريل وميكائيل عليهما السلام،