للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: {الزَّبَانِيَةَ} (١) في الأصل في كلام العرب: الشُرَط كصُرَد، وجمع شرطة بالضم، وهم طائفة من أعوان الولاة، سموا بذلك؛ لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها، كما في "القاموس"، والشَرَط بالتحريك العلامة، واحدهم زبنية كعفرية، وعفرية الديك شعرة القفا التي يردها إلى يافوخه عند الهراش من الزَّبْن بالفتح، كالضرب وهو الدفع؛ لأنهم يزبنون الكفار؛ أي: يدفعونهم في جهنم بشدة وبطش، يعني: أن ملائكة العذاب سموا بما سُمي به الشرط تشبيهًا لهم بهم في البطش والقهر والعنف والدفع، وقيل: الواحد زبني، وكأنه نُسب إلى الزبن، ثم غُيِّر إلى زبانية كإنسي بكسر الهمزة، وأصلها زباني، وقيل: زبانية بتعويض التاء عن الياء بعد حذفها للمبالغة في الدفع.

فائدة: اجتمعت المصاحف العثمانية على حذف الواو من {سَنَدْعُ} خطًا، ولا موجب للحذف لفظًا من القواعد العربية، ولعله للمشاكلة مع {فَلْيَدْعُ} أو للتشبيه بالأمر في أن الدعاء أمر لا بد منه.

وقال ابن خالويه: في إعراب الثلاثين آية الأصل سندعو بالواو، غير أن الواو ساكنة فاستثقلتها اللام ساكنة، فسقطت الواو في المصحف من {سَنَدْعُ}، و {يدع الإنسان} و {يمح الله الباطل}، وكذلك الياء من {وَادِ النَّمْلِ}، {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا}، والعلة ما أنباتك من بنائهم الخط على اللفظ. انتهى.

والمعنى: أي فليجمع (٢) أمثاله ممن ينتدي معهم؛ ليمنع المصلين المخلصين ويؤذي أهل الحق الصادقين، فإنه إن فعل ذلك تعرض لسخط ربه عز وجل، واستحق التنكيل به، وسندعو له من جنودنا كل قوي متين لا قبل له بمغالبته في الدنيا أو يرديه في النار في الآخرة، والمراد بهم الملائكة الذين أقامهم الله تعالى على تعذيب العصاة من خلقه، وسُموا {زبانية}؛ لأنهم يزبنون الكفار في النار؛ أي: يدفعونهم إليها

١٩ - ثم بالغ في زجر الكافر عن صلفه وكبريائه، ونفي قدرته على ما تهدد به، فقال: {كَلَّا} ردع (٣) بعد ردع للناهي المذكور، وزجر له إثر زجر، فهو متصل بما قبله، ولذا جعلوا الوقف عليه وقفًا مطلقًا.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.