للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣ - أنهم لو انبغى واستطاعوا حمله وتأديته .. لما وصلوا إلى ذلك؛ لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله؛ لئلا يخلطوا الوحي.

وقرأ الحسن (١) وابن السميقع والأعمش: {وما تنزلت به الشياطون} - بالواو والنون - إجراءً له مجرى جمع السلامة. قال النحاس: وهذا غلط عند جميع النحويين. قال: وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: هذا من غلط العلماء، وإنما يكون بشبهة؛ لما رأى الحسن في آخره ياء ونونًا، وهو في موضع رفع .. اشتبه عليه بالجمع السالم، فغلط.

٢١٣ - ثم لما قرر سبحانه حقية القرآن، وأنه منزل من عنده .. أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بدعاء الله وحده، فقال: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الفاء فيه للإفصاح؛ أي: إذا عرفت يا محمد حال الكفار، وأردت بيان ما هو اللازم لك من الأوامر والنواهي .. فأقول لك: لا تعبد مع الله سبحانه إلهًا غيره. {فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} على إشراكه، الخطاب (٢) للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به غيره؛ لأنه معصوم من ذلك.

قال ابن عباس: يحذر به غيره، يقول: أنت أكرم الخلق عليّ، ولو اتخذت إلهًا غيري لعذبتك، فكيف بغيرك من العباد، وذلك من شأن الحكيم إذا أراد أن يؤكد الخطاب لأحد وجهه إلى الرؤساء في الظاهر.

وقيل: خوطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع استحالة وقوع المنهي عنه (٣)؛ لأنه معصوم، تهييجًا لعزيمته، وحثًا على ازدياد الإخلاص، ولطفًا بسائر المكلفين ببيان أن الإشراك من القبيح والسوء بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره منه، فكيف بمن عداه، وأن من كان أكرم الخلق عليه إذا عذب على تقدير اتخاذ إله آخر، فغيره أولى.

وحاصل ما في هذه الآيات: أنَّ الله سبحانه أمر نبيه بأربعة أوامر ونواه (٤):


(١) الشوكاني.
(٢) الخازن.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.