للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدنيا أن يعمل فيها للآخرة بالصدقة وصلة الرحم، وقيل: لا تنسى صحتك وقوتك وشبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة.

وعن عمرو بن ميمون الأودي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك". وهذا حديث مرسل، وعمرو بن ميمون لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقيل المعنى: أي ولا تترك حظك من لذات الدنيا في مآكلها ومشاربها وملابسها، فإن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، وهذا ألصق بمعنى النظم القرآني، كما ذكره "الشوكاني".

وعن ابن عمر: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا". وعن الحسن: قدِّم الفضل وأمسك ما يُبلِّغ.

٣ - {وَأَحْسِنْ} إلى عباد الله إحسانًا {كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ} سبحانه {إِلَيْكَ} فيما أنعم به عليك، فأعن خلقه بمالك وجاهك وطلاقة وجهك وحسن لقائهم، والثناء عليهم في غيبتهم.

٤ - {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: ولا تطلب الفساد بعمل المعاصي في الأرض؛ أي (١): ولا تصرف همتك بما أنت فيه إلى الفساد في الأرض، والإساءة إلى خلق الله، وكل من عصى الله فقد طلب الفساد في الأرض، ثم أتبعوا هذه المواعظ بعلتها، فقالوا: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه {لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} لسوء أفعالهم، بل يُحب المصلحين لحسن أعمالهم، أي: إن الله لا يكرم المفسدين، بل يهينهم ويُبعدهم من حظيرة قربه وقيل مودته ورحمته، ويعاقبهم بسوء أفعالهم.

٧٨ - ثم بيَّن أنه مع كل هذه المواعظ أبى وزاد في كفران النعمة فقال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ}؛ أي: إنما أعطيت هذا المال حالة كوني {عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}؛ أي (٢):


(١) المراغي.
(٢) المراح.