للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ عبد الله (١): {فلق الحب} بصيغة الفعل الماضي.

وقوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ}؛ أي: الحيوان {وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ}؛ أي: من النطفة والبيضة وهي ميتة، في محل الرفع خبر بعد خبر، لـ {إنّ} و، وقوله: {وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ}؛ أي: مخرج النطفة والبيضة وهي ميتة {مِنَ الْحَيِّ}؛ أي: من الحيوان، معطوف على (٢) قوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} عطف جملة اسمية على جملة فعلية، ولا مانع من ذلك. وقيل: معطوف على {فَالِقُ} على تقدير أن جملة {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} مفسرة لما قبلها، والأول أولى.

والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى يخرج من النطفة بشرًا حيًّا، ومن البيضة أفراخًا حية، ومن الحب اليابس نباتًا غضًّا، ومن الكافر مؤمنًا، ومن العاصي مطيعًا، وبالعكس.

{ذَلِكُمُ} الصانع هذا الصنع العجيب المذكور سابقًا من شق الحب والنوى بقدرته الباهرة هو {اللَّهُ}؛ أي: المعبود الحق المستجمع لكل كمال، والمفضل بكل إفضال، والمستحق لكل حمد وإجلال. {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}؛ أي: فكيف تصرفون عن عبادته وتوحيده والإيمان بالبعث إلى عبادة غيره، واتخاذ شريك معه، وإنكار البعث مع ما ترون من بديع صنعه وكمال قدرته.

والمعنى: ذلكم المتصف (٣) بكامل القدرة وبالغ الحكمة هو الله الخالق لكل شيء، المستحق للعبادة وحده، لا شريك له، فكيف تصرفون عن عبادته، وتشركون به من لا يقدر على شيء من ذلك؛ كفلق نواة وحبة، وإيجاد نخلة وسنبلة؟

٩٦ - {فَالِقُ} ظلمة الليل وكاشفها ومزيلها بضوء {الْإِصْبَاحِ} ونور النهار. والمراد بظلمة الليل: الغبش الذي يلي الإصباح المستطيل الكاذب. والإصباح بمعنى: الصبح، فالصبح والإصباح والصباح بمعنى واحد، وهو أول النهار، وذلك (٤) لأن الأفق من الجانب الغربي والشمالي والجنوبي مملوء من الظلمة، ثم إنه تعالى شق ذلك البحر المظلم بأن أجرى جدولًا من النور فيه. وقيل: المعنى


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.
(٤) المراح.