للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الرازي رحمه الله تعالى (١): مطلع هذه السورة عجيب؛ لأنهم لما نازعوا كأنه قيل: إما أن تنازعوا في معرفة الله، أو في النبوة، فإن كان في الأول: فهو باطل؛ لأن الأدلة العقلية دلت على أنه حيٌّ قيوم، والحي القيوم يستحيل أن يكون له ولد، وإن كان في الثاني: فهو باطل؛ لأن الطريق الذي عرفتم أن الله تعالى أنزل التوراة والإنجيل هو بعينه قائم هنا، وذلك هو المعجزة. انتهى.

٣ - هو سبحانه وتعالى {نَزَّلَ عَلَيْكَ} يا محمَّد {الْكِتَابَ}؛ أي: القرآن بالتدريج بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة، وإنما فسرنا كذلك؛ لأن فعَّل المضعف يدل على التكرير، وأتى (٢) هنا بذكر المنزل عليه وهو قوله: {عَلَيْكَ} ولم يأتِ بذكر المنزل عليه في التوراة، ولا في الإنجيل تخصيصًا له وتشريفًا بالذكر، وجاء بذكر الخطاب؛ لما في الخطاب من المؤانسة، وأتى بلفظة {على} لما فيها من الاستعلاء كأن الكتاب تجلله وتغشاه - صلى الله عليه وسلم -.

فإن قلت (٣): إن القرآن وقت نزول هذه الآية لم يتكامل نزوله؟

قلت: إما أن يراد بالكتاب ما نزل منه إذ ذلك، أو يقال: الفعل مستعمل في الماضي والمستقبل.

وقرأ الجمهور: {نَزَّلَ} مشددًا {الْكِتَابَ} بالنصب. وقرأ النخعي والأعمش وابن أبي عبلة رحمهم الله تعالى شذوذًا: {نزلَ} مخففًا و {الكتابُ} بالرفع، وفي هذه القراءة تحتمل الآية وجهين:

أحدهما: أن تكون منقطعة.

والثاني: أن تكون متصلة بما قبلها؛ أي: نزل الكتاب عليك من عنده.


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الجمل.