للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي أنه - صلى الله عليه وسلم - مرّ على أبي سفيان، وأبي جهل، وهما يتحدثان، فلما رآه أبو جهل ضحك، وقال لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف، فغضب أبو سفيان وقال: أتنكر أن يكون لبني عبد مناف نبي، فسمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى أبي جهل، فوقع به وخوَّفه، وقال: ما أراك منتهياً حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة، وقال لأبي سفيان: أما إنك لم تقل ما قلت إلَّا حمية، فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا}.

قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ ...} الآية، روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث وهو القائل: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.

التفسير وأوجه القراءة

٣٠ - و {الهمزة} في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} لإنكار نفي الرؤية (٢)، وإنكار النفي نفي له، ونفي النفي إثبات. و {الواو} للعطف على مقدر، والرؤية قلبية، لا بصريةٌ حتى لا يناقض قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} والمعنى: ألم يتفكروا، أو ألم يستفسروا من العلماء، أو ألم يطالعوا الكتب، أو ألم يسمعوا الوحي ولم يعلموا: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا} ثنّى الضمير الراجع إلى الجمع باعتبار أن المرجع إليه جماعتان: جماعة السموات، وجماعة الأرض {رَتْقًا}؛ أي ذواتي رتق، فهو على حذف مضاف. ولم يقل: رتقين؛ لأنه مصدر؛ أي: ملتزقتين ومنضمَّتين، لا فضاء ولا هواء بينهما, ولا فرج، فإن الرتق هو


(١) لباب النقول.
(٢) روح البيان.